وفي حديث مالك بن دبنار عن أنس، رفعه "أن أعظم الناس علينا مَنّاً أبو بكر، زوَّجني ابنته، وواساني بنفسه، وإن خير المسلمين مالًا أبو بكر، أعتق منه بلالًا، وحملني إلى دار الهجرة" أخرجه ابن عساكر، وأخرج عن عليّ نحَوه. وجاء عن عائشة "مقدار المال الذي أنفقه أبو بكر" فروى ابن حبّان عنها أنها قالت: أنفق أبو بكر على النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم أربعين ألف درهم. وروى الزبير بن بكّار عنها أنه لما مات، ما ترك ديناراً ولا درهمًا.
وقوله: فلو كنتُ متخذًا خليلًا من أمتي، كذا للأربعة، ولغيرهم: ولو كنت متخذًا من أمتي خليلًا، أي لو كنت أختار وأصطفي. وقوله: لاتخذتُ أبا بكر، أي لكونه متأهلًا لأن يتخذه عليه الصلاة والسلام خليلاً، لولا المانع، وهو أنه عليه الصلاة والسلام امتلأ قلبه بما تخلَّله من معرفة الله تعالى ومحبته ومراقبته، حتى كأنه مزجت أجزاء قلبه بذلك، فلم يتسع قلبه لخليل آخر. وعلى هذا لا يكون الخليل إلا واحدًا، وزعم الفراء أن معنى الحديث لو كنت أخص أحدًا بشيء من العلم دون الناس لخصصتُ به أبا بكر؛ لأن الخليل من تَفَرَّد بخلة من الفضل، لا يشاركه فيها أحد. وقيل: معناه لو كنت منقطعًا إلى غير الله لانقطعت إلى أبي بكر، لكن هذا ممتنع لامتناع ذلك.
والخليل هو المُخَالّ، أي الذي يخالُّك، أي يوافقك في خلالك، أو يسايرك في طريقتك، من الخَلّ، وهو الطريق في الرمل، أو يَسُدُّ خَلَلَك كما تسد خَلَلَه، أو يداخلك خلاة منازلك، وقيل: أصل الخُلّة الانقطاع، فخليل الله المنقطع إليه، وقيل: الخلة صفاء المودة بتخلل الأسرار. وقيل: الخليل مَنْ لا يتسع قلبه لغير خليله. وقال عياض: أصل الخلة الافتقار والانقطاع، فخليل الله المنقطع إليه، وقيل الخلة صفاء المودة بتخلل الأسرار. وقيل: الخليل من لا يتسع قلبه لغير خليله. وقال عياض: أصل الخلة الافتقار والانقطاع، فخليل الله المنقطِع إليه لقصرِهِ حاجَتَه عليه. وقيل: الخلة الاختصاص بأصل الاصطفاء. وقيل: الخليل من الخَلّة، بالفتح، وهي الحاجة، فعلى هذا، فهو المحتاج إلى من يخاللَه.