سقطت من الرواية" فإنها ثابتة في سائر الروايات. ووجَّهه ابن مالك بأنه نقلت حركة الهمزة إلى النون، فتحذف الألف، وجوز مع حذفه ضم نون لكن وسكونه. قال: ولا يجوز مع إثبات الهمزة إلا سكون النون فقط. وقوله: لا يَبْقَينَّ باب، بفتح أوله ونون التوكيد الشديدة، وفي إضافة النهي إلى الباب، يجوز لأن عدم بقائه لازم للنهي عن إبقائه، فكأنه قال: لا تُبقوه حتى لا يبقى. وقد رواه بعضهم بضم أوله على البناء المجهول، وهو واضح.
وقوله: إلاَّ سد، بضم أوله، وقوله إلا باب أبي بكر، استثناء مفرغ، والمعنى لا تبقوا بابًا غير مسدود إلا باب أبي بكر، فاتركوه بغير سد. قال ابن بطال والخطّابيّ وغيرهما في هذا الحديث اختصاص ظاهر لأبي بكر، وفيه إشارة قوية إلى استحقاته للخلافة، ولاسيما وقد ثبت أن ذلك كان في آخر حياة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، في الوقت الذي أمرهم فيه أن لا يؤمهم إلا أبو بكر. وقد ادعى بعضهم أن الباب كناية عن الخِلافة، والأمر بالسد كناية عن طلبها، فكأنه قال: لا يطلبن أحدٌ الخلافة إلا أبو بكر، فإنه لا حرج عليه في طلبها.
وجنح إلى هذا ابن حبّان فقال بعد أن أخرج هذا الحديث: في هذا الحديث دليل على أنه الخليفة بعد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم, لأنه حسم بقوله "سُدّوا عني كل خوخة في المسجد" أطماع الناس كلهم عن أن يكونوا خلفاءَ بعده. وقوّى بعضهم ذلك بأنَّ منزل أبي بكر كان بالسُّنْح من عوالي المدينة، فلا تكون له خوخة إلى المسجد، وهذا الاستناد ضعيف؛ لأنه لا يلزم من كون منزله كان بالسنح أن لا يكون له دار مجاورة للمسجد، ومنزله الذي كان بالسنح هو منزل أصهاره من الأنصار، وقد كانت له إذ ذاك زوجة أخرى، وهي أسماء بنت عُميس بالاتفاق، وأم رومان، على القول بأنها كانت باقية يومئذ.
وتعقب المحبّ الطبريّ ما قاله البعض فقال: قد ذكر عمر بن شَبّة في أخبار المدينة أن دار أبي بكر التي أُذن له في إبقاء الخوخة منها إلى المسجد كانت ملاصقة للمسجد، ولم تزل بيد أبي بكر حتى احتاج إلى شيء يعطيه لبعض من وفد عليه، فباعها فاشترتها حفصة أم المؤمنين بأربعة آلاف درهم، فلم تزل بيدها