إلى أحد الجانبين، فأطلق ذلك، أو لعله أراد مجرد الصحبة أو المحبة.
وأما ما روي عن أُبيّ بن كعب قال:"إن أحدث عهدي بنبيكم قبل موته بخمس، دخلت عليه وهو يقول: إنه لم يكن نبيّ إلا وقد اتخذ من أمته خليلاً, وان خليلي أبو بكر، ألا وإنّ الله اتخذني خليلًا، كما اتخذَ إبراهيم خليلًا"، أخرجه أبو الحسن الحربيّ في فوائده، فإنه معارِضٌ حديث جُندب عند مسلم أنه سمع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يقول، قبل أن يموت بخمس: إني أبرأ إلى الله تعالى أن يكون لي منكم خليلٌ، وأخرج الواحدي في تفسيره عن أبي أمامة نحو حديث أُبيّ بن كعب، دون التقييد بالخمس، قال المحب الطبريّ: فإنْ ثبت حديث أُبيّ أمكن الجمع بينهما بأنه لمّا برىء من ذلك تواضعًا لربه، وإعظاما له، أذِن الله تعالى له فيه من ذلك اليوم، أما رأى من تشوقه إليه وإكرامًا لأبي بكر بذلك، فلا يتنافى الخبران، لكن حديث أُبيّ وأبي أمامة واهيان.
وقوله: ولكن أخوّة الإِسلام ومودته، وفي حديث ابن عباس الآتي بعد هذا أفضل. وأخرجه الطبراني عن خالد الحذاء بلفظ "ولكن أخُوة الإيمان والإِسلام أفضل" وأخرجه أبو يعلى عن عكرمة بلفظ "ولكن خُلة الإِسلام أفضل" وفيه إشكال، فإن الخُلة أفضل من أخوة الإِسلام؛ لأنها تستلزم ذلك وزيادة، فقيل: المراد أن مودة الإِسلام مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أفضل من مودته مع غيره، وقيل: أفضل بمعنى فاضل، ولا يعكر على ذلك اشتراك جميع الصحابة في هذه الفضيلة في نصر الدين وإعلاء كلمة الحق، وتحصيل كثرة الثواب، ولأبي بكر من ذلك أعظمه وأكثره. وقد مرَّ الخلاف في المودة والخلهّ هل هما مترادفان أم لا؟ وعلى عدم الترادف قيل: إن تغايرهما باعتبار المتعلق، وهو أنه أثبت المودة؛ لأنها بحسب الإِسلام والدين، ونفى الخلة للمعنى الذي ذكرناه، وقيل: إن الخلة أخص وأعلى مرتبة من المودة، فنفى الخاص وأثبت العام، ووقع في بعض الروايات، ولكن خُوَّة الإِسلام، بغير ألف.
قال ابن بطال: لم أجد خُوّة بمعنى خُلة في كلام العرب، وفي بعض الروايات "ولكن خُلة الإِسلام" وهو الصواب. وقال ابن التين: لعل الألف