للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه الصلاة والسلام قضى الوِتر ليلة نومهم عن الصبح في الوادي لم يُصب. وعن عطاء والأوزاعيّ: يقضى ولو طلعت الشمس. وهو وجه عن الشافعية حكاه النوويّ في شرح مسلم. وعندهم أيضًا يقضى مطلقًا، واستدلوا بحديث أبي سعيد المتقدم. وعن سعيد بن جبير يقضى من القابلة.

ويؤخذ من الحديث أن الصبح ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس من النهار شرعًا، وسئل الخليل بن أحمد عن حد النهار، فقال: من الفجر المستطير إلى بداءة الشفق. وحكى عن الشعبي أنه وقت منفرد لا من الليل ولا من النهار. وقوله: صلى واحدة، وفي رواية "ركعة واحدة". وفي رواية الشافعيّ وابن وهب ومكيّ بن إبراهيم عن مالك "فليصل ركعة" أي بصيغة الأمر. أخرجه الدارقطني في الموطات.

وقوله: فأوترت له ما صلى، أي تلك الركعة الواحدة. وقوله: وإنه كان يقول، بكسر الهمزة على الاستئناف، وقائل ذلك هو نافع، والضمير لابن عمر. وقوله: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا، استدل بهذا على أنه لا صلاة بعد الوتر، وقد اختلف السلف في ذلك في موضعين، أحدهما في مشروعية ركعتين بعد الوتر عن جلوس، والثاني فيمن أوتر ثم أراد أن يتنفل هل يكتفي بوتره الأول؟ وليتنفل ما شاء، أو يشفع وتره بركعة، ثم يتنفل، ثم إذا فعل ذلك، هل يحتاج إلى وتر آخر أو لا؟

أما الأول فعند مسلم عن عائشة أنه صلى الله تعالى عليه وسلم "كان يصلي ركعتين بعد الؤلر وهو جالس" وقد ذهب إليه بعض أهل العلم، وجعلوا قوله "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا" مختصا بمن أوتر آخر الليل. وأجاب من لم يقل ذلك بان الركعتين المذكورتين هما ركعتا الفجر، وحمله النوويّ على أنه عليه الصلاة والسلام فعله لبيان جواز التنفل بعد الوتر، وجواز التنفل جالسًا.

وأما الثاني: فذهب الأكثرون إلى أنه يصلي شفعًا ما شاء، ولا ينقض وتره، عملًا بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم "لا وِتران في ليلة" وهو حديث حسن أخرجه النَّسائيّ وابن خُزيمة وغيرهما، عن طَلْق بن علي، وإنما يصح نقض

<<  <  ج: ص:  >  >>