الوِتر عند من يقول بمشروعية ركعة واحدة غير الوتر. وقد مرَّ ما فيه. وروى محمد بن نصر عن سعيد بن الحارث أنه سأل ابن عمر عن ذلك فقال: إذا كنت لا تخاف الصبح ولا النوم، فاشفع ثم صل ما بدا لك، ثم أوتر، وإلا فَصلّ وتْرَكَ على الذي كنت أوترت.
ومن طريق أُخرى عن ابن عمر أنه سُئل عن ذلك فقال: أما أنا فأصلي مثنى، فإذا انصرفت ركعت ركعة واحدة، فقيل: أرأيت إن أوترتُ قبل أن أنام، ثم قمت من الليل فشفعت حتى أصبح؟ قال: ليس بذلك بأس. قلت: أخرج مالك في الموطأ عن سعيد بن المسيب أنه قال: كان أبو بكر الصديق إذا أراد أن يأتي فراشَه أوتر، وكان عمر بن الخطاب يوتر آخر الليل، وقد قالوا: إن أبا بكر أخذ بالحزم، وعمر أخذ بالعزم، ومذهب مالك ندب فعله آخر الليل لمن عادته الانتباه آخر الليل، أو استوى الأمران فيه على قوله، وحملوا ما رواه البخاري عن أبي هُريرة من قوله "أوصاني خليلي بثلاث" إلى أن قال "وأن أُوتر قبل أن أنام". وروى مسلم مثله عن أبي الدرداء، والنَّسائيّ مثله عن أبي ذَرٍ على أنه في حق من لم يثق بالاستيقاظ، وإذا لم تكن عادته الانتباه ندب له تقديمه أول الليل، وإذا أفاق بعد ذلك جاز له النفل، أي استحب له إن طرأت له نية النفل بعد صلاة الوِتر، أو في أثناء الوِتر. وإذا نوى النفل قبل صلاة الوتر كره له التنفل بعد استيقاظه.
وقد مرَّ كثير من مباحثه في باب قراءة القرآن بعد الحدث، من كتاب الوضوء. وتأتي بقية يسيرة في أبواب الوتر. وقد اعترض الإسماعيلي على البخاريّ فقال: ليس فيما ذكره دلالة على التعليق ولا على الجلوس في المسجد بحال، وأجيب بأن كونه كان في المسجد صريح من تعليق الوليد بن كثير، وأما التَّحلقُّ فقال المهلبُ: شبه البخاريّ جلوس الرجال في المسجد حول النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وهو يخطب، بالتحلُّق حول العالم؛ لأن الظاهر أنه صلى الله تعالى عليه وسلم لا يكون في المسجد وهو على المنبر إلا وعنده جَمْعٌ جلوس محدقين به، كالمحلقين. وقال غيره: حديث ابن عمر يتعلق بأحد ركني