رواه أحمد وأصحاب السنن، وصححه ابن خزيمة وغيره عن أُبي بن كعب مرفوعًا "صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى" وله شاهد قوي في الطبراني عن قَبَاث، بفتح القاف, بن أَشْيم، بوزن أحمر، ويترتب على الخلاف المذكور أن من قال التفاوت استحب اعادة الجماعة مطلقًا، لتحصيل الأكثرية، ولم يستحب ذلك الآخرون، ومنهم من فصل فقال: تعاد مع الأعلم أو الأورع أو في البقعة الفاضلة. ووافق مالك على الأخير، لكن قصره على المساجد الثلاثة.
وحاصل مذهبه في الإعادة في المساجد الثلاثة هو ما نظمه بعضهم بقوله:
امنع إعادة من صلى فريضته ... بمسجد المصطفى والقدسِ والحرمِ
ومن يصل بغيرٍ مفردًا يُعِدَنْ ... بها ولو مفردًا فاحفظه واغتنم
ومن يصل بها فردًا يعيد بها ... جمعًا، وقيل وفردًا، فزت بالنعم
والتفاضل المنفي عند مالك بين الجماعات المرادُ به التفاضل الذي تعاد الصلاة لأجله، وأما نفس الفضل فتحاصل، إذ لا نزاع أن الصلاة مع الصلحاء والعلماء والكثير من أهل الخير أفضل من غيرهم لشمول الدعاء وسرعة الإجابة وكثرة الرحمة، وقبول الشفاعة، وكما أن الجماعة تتفاوت في الفضل بالقلة والكثرة، وغير ذلك مما ذكر، كذلك يفوق بعضها بعضًا من جهة الأوقات، كالجماعة في صلاة الفجر، كما يأتي للمصنف في أبواب الجماعة الإشارةُ إليه. وقد استوفينا الكلام على هذا الجزء من الحديث استيفاء لا يحتاج إلى زيادة بعد هذا، عند ذكره في أبواب الجماعة.
وقوله: فإنّ أحدكم، كذا للأكثر بالفاء، وللكشميهنيّ بالموحدة، وهي نسبية أو للمصاحبة. وقوله: فأحسن، أي أسبغ الوضوء. وقوله: ما لم يؤذ يحدث، كذا للأكثر بالفعل المجزوم على البدلية، ويجوز الرفع على الاستئناف، وللكشميهنيّ "ما لم يؤذ يحدث فيه" بلفظ الجار والمجرور متعلقًا