للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والظاهر أن الاختلاف فيه من الرواة، وأبعد من قال: يحمل على أن القصة وقعت مرتين، بل روى النَّسائيّ عن ابن سيرين أن الشك فيه من أبي هريرة، ولفظه صلى الله تعالى عليه وسلم "إحدى صلاتي العشي". قال أبو هريرة: ولكني نسيتها، فالظاهر أن أبا هريرة رواه كثيرًا على الشك، وكان ربما غلب على ظنه أنها الظهر فجزم بها، وتارة غلب على ظنه أنها العصر فجزم بها، وطرأ الشك في تعيينها أيضًا على ابن سيرين، وكان السبب في ذلك الاهتمام بما في القصة من الأحكام الشرعية، ولم تختلف الرواة في حديث عمران، في قصة الخِرْباق، أنها العصر، فإن قلنا إنها قصة واحدة، فتترجح رواية من عين العصر في حديث أبي هريرة. وابتداء العشي من أول الزوال.

وقوله: فقام إلى خشبة معروضة في المسجد، فاتكأ عليها، وفي رواية السهو، ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد، فوضع يده عليها فقدم المسجد، أي في جهة القبلة. وقوله: معروضة، أي فوضوعة بالعرض، ولمسلم "ثم أن جذعًا في قبلة المسجد، فاستند إليها مُغْضَبًا" ولا تنافي بين هذه الروايات, لأنها تحمل على أن الجذع قبل اتخاذ المنبر كان ممتدًا بالعرض، وكان الجذع الذي كان صلى الله تعالى عليه وسلم يستند إليه قبل اتخاذ المنبر، وبذلك جزم بعض الشرّاح.

وقوله: ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى، هذه رواية الكشميهني، وهي أشبه من رواية "ووضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى" لما في الأخير من التكرار. وقوله: وخرجت السَّرَعان من أبواب المسجد، بفتح المهملات، ومنهم من سكن الراء، وحكى عياض أن الأصيلي ضبطه بضم ثم إسكان، كأنه جمع سريع ككثيب وكثبان، والمراد بهم أوائل الناس خروجاً من المسجد، وهم أصحاب الحاجات غالبًا. وقوله: فقالوا أقُصرت ألصلاة، أي بهمزة الاستفهام، وفي رواية بحذفها، وقصرت بضم القاف وكسر المهملة على البناء للمفعول، أي أن الله قصرها، وبفتح ثم ضم على البناء للفاعل، أي صارت قصيرة. قال النووي: وهذا أكثر وأرجح.

<<  <  ج: ص:  >  >>