قال: فَأُدْخِلْتُ كنيسةً لهم فيها الصور، فلم أره، ثم أُدْخلت أخرى، فإذا أنا بصورة محمَّد وأبي بكر.
وقوله:"فَلَوْ أني أعلم أني أَخْلُصُ إليه" في رواية إسقاط "أني" الأولى، وأَخْلُصُ بضم اللام، أي: أصل إليه.
وقوله:"لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ" بالجيم والشين المعجمة، أي: تكلفته على ما فيه من المشقة، قال ابن بَطّال: وهذا التَّجَشُّمُ هو الهجرة، لأنها كانت فرضًا على كل مسلم قبل الفتح.
وفي مُرْسَل ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم أن هِرَقْل قال: ويْحكَ، واللهِ إني لأعلم أنه نبي مرسل، ولكني أخاف الروم على نفسي، ولولا ذلك لاتبعته، ونحوه عند الطبراني بسند ضعيف فقد خاف على نفسه، ولو تَفَطَّن لقوله عليه الصلاة والسلام في الكتاب الذي أرسله إليه:"أَسْلِمْ تَسْلَم" وحمل الجزاء على عمومه في الدنيا والآخرة، لسلم لو أسلم من كل ما يخافه، ولكن التوفيق بيد الله تعالى.
وقوله:"لَغَسَلْتُ عن قدميه" وفي رواية قدمه بالإِفراد، ضَمَّن غسل معنى زال، أي لأَزَلْت عن قدميه ما لعله يكون عليهما، مبالغةً في خدمته، وهذا كقوله تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ}[النور: ٦٣] ضَمَّنَ يخالفون معنى يصدون، وفي رواية عن عبد الله بن شَدّاد:"لو عَلِمْتُ أنه هو لمَشَيْتُ إليه حتى أقبل رأسه وأغْسِل قدميه" وفي آخرها: "ولَقَدْ رأيت جبهته تَتَحادَرُ عَرَقًا من كَرْبِ الصَّحيفة لما قرىء عليه كتاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم" وفي اقتصاره على ذكر غسل القدمين إشارة إلى أنه إذا وصل إليه سالمًا لا يطلب منه ولاية ولا منصبًا، وإنما يطلب منه ما يحصل له من بركته.
وقوله:"ثُمَّ دعا بكتابِ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم" أي: دعا مَنْ وكله بالكتاب، فمفعول دعا محذوف، ولهذا عُدِّيَ إلى الكتاب بالباء.