على سعد قال له سعد: والله ما أدري أكِسْتَ بعدنا أم حمقنا بعدك؟ فقال: يا أبا إسحاق، لا تجزعنٌ فإنما هو المُلْك يتغداه قوم ويتعشاه آخرون. فقال سعد: أراكم، والله، ستجعلونها مُلكًا.
وروي عن ابن سيرين أنه قال: لما قدم الوليد بن عُقبة أميرًا على الكوفة، أتاه ابن مسعود فقال: ما جاء بك؟ قال: جئت أميرًا. فقال ابن مسعود: ما أدري أصلحت بعدنا أم فسد الناس. وله أخبار فيها نَكارة وشناعة، تقطع على سره حاله وقبح أفعاله. قال الأصمعي وغيره: كان من رجال قريش ظرفًا وحِلمًا وشجاعة وأدبًا، وكان من الشعراء المطبوعين، وكان كريمًا تجاوز الله عنه. قال أبو عمر: أخباره في شرب الخمر ومنادمته أبي زبيد الطائي مشهورة كثيرة، فمنها ما روي عن ابن شَوْذب قال: صلى الوليد بن عقبة بأهل الكوفة الصبحَ أربعًا، ثم التفت إليهم فقال: أزيدكم؟ فقال ابن مسعود: ما زلنا معك في زيادة منذ اليوم. وفي ذلك يقول الحُطيئة:
شهد الحطيئة يوم يلقى ربَّه ... أن الوليد أحق بالعذر
نادى وقد تمت صلاتهم ... أأزيدكم سكرًا وما يدري
فأبوا أبا وهب ولو إذ قد نَسُوا ... لقرنت بين الشفع والوتر
كفوا عنانك إذ جريت ولو ... تركوا عنانك لم تزل تجري
وقال أيضًا:
تكلم في الصلاة وزاد فيها ... علانية وجاهر بالنفاق
ومجَّ الخمر في ستر المصلى ... ونادى والجميع إلى افتراق
أأزيدكم على أن تحمدوني ... فما لكم ومالي من خلاق
ولما وقع هذا ركب حُصين بن المنذر بن أبي ساسان إلى عثمان، فأخبره بقصة الوليد، وقدم على عثمان رجلان فشهدا عليه بشرب الخمر، وأنه صلى الغداة بالكوفة أربعًا، ثم قال: أأزيدكم؟ فقال أحدهما: رأيته يشربها. وقال الآخر: رأيته يتقيأها، فقال عثمان: لم يتقيأها حتى شربها. وقال لعلي رضي الله