عنه: أقم عليه الحد، فقال علي لأبن أخيه عبد الله بن جعفر: أقم عليه الحد، فأخذ السوط وجلده وعثمان يَعُدّ حتى بلغ أربعين. فقال عليّ: أمسك جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر أربعين، وجلد أبو بكر أربعين. وجلد عمر ثمانين. وكل سُنة. وروي عن أبي جعفر محمد بن علي قال: جلد عليَّ، رضي الله تعالى عنه، الوليدَ بن عقبة في الخمر أربعين جلدة، بسوط له طَرَفان. قال أبو عمر: أضاف الجلد إلى عليّ لأنه أمره به على الوجه الذي تقدم في الخبر قبله. قال أبو عمر: لم يرو الوليد بنِ عقبة سنة يحتاج فيها إليه.
وروى ابن إسحاق عنه أنه قال: ما كانت نبوّة إلا كان بعدها مُلْك. وقد روى الطبريّ أنه تعصب عليه قوم من أهل الكوفة بغيًا وحسدًا وشهدوا عليه زورًا أنه تقيأ الخمر، وذكر القصة، وفيها أن عثمان قال له: يا أخي اصبر، فإن الله تعالى يأجرك ويبوء القوم بإثمك. قال ابن عبد البر: وهذا الخبر من نقل أهل الأخبار، ولا يصح عند أهل الحديث، ولا له عند أهل العلم أصل. والصحيح عندهم ما مرّ، ولمّا عزله عن الكوفه ولّى عليها سعيد بن العاص، وفي ذلك يقول شاعرهم:
فررت من الوليد إلى سعيد ... كأهل الحجر إذ جزعوا فباروا
يلينا من قريش كل عام ... أميرٌ محدِثٌ أو مستثار
لنا نار نُخوَّفها فنخشى ... وليس لهم، ولا يخشون، نار
ولما قتل عُثمان اعتزل الوليد الفتنة، فلم يشهد مع علي ولا مع غيره، ونزل الرقة، ولكنه كان يحرض معاوية على قتال عليّ بكتبه وشعره، ومن ذلك ما كتب به إلى معاوية حين أرسل إليه عليٌّ جريرًا يأمره بأن يدخل في الطاعة، ويأخذ البيعة على أهل الشام، فبلغ ذلك الوليد، فكتب إليه من أبيات:
أتاك كتاب من عليّ بخطه ... هي الفصل فاختر سلمه أو تحاربه
فإن كنت تنوي أن تجيب كتابة ... فقبّح ممليه وقُبحّ كاتبه