الرابع: وهو المشهور، الرجوع فيه للعادة، فلا يضر ما يعده الناس قليلًا كالإشارة برد السلام، وخلع النعل، ورفع العمامة، ولبس ثوب خفيف وأشباه ذلك، وما عده الناس كثيرًا لخطواتٍ كثيرة متوالية، وفعلات متتابعة، فتبطل الصلاة، والفعلة الواحدة كالخطوة والضربة قليل بلا خلاف، ما لم تتفاحش، كالوثبة الفاحشة، فتبطل بلا خلاف، والثلاث كثير بلا خلاف، لكن إنما يبطل الكثير إذا توالى، فإنْ تفرق بأن خطا خطوة أو ضرب ضربة وسكت زمنًا، ثُم عاد ولو إلى مئة لم يضر بلا خلاف.
وحد التفريق أن يكون الثاني منقطعًا عن الأول. وقيل: بأن يكون بينهما ركعة، وهذا ضعيف، والثلاثة المتوالية التي تبطل إنما هي الخطوات والضربات ونحوها، فأما الحركات الخفيفة، كتحريك الأصابع في سبْحة أو حَكة أو حَل أو عَقد، ففيها وجهان؛ والمشهور لا تبطل وإن كثرت متوالية، لكن تكره، وفي الخطوتين والضربتين وجهان، أصحهما قليل لا تبطل. وعند الحنابلة قال في "دليل الطالب" ممزوجًا بشرحه "نيل المآرب": ويبطلها العمل المتوالي الكثير، لا القليل في العادة، من غير جنسها، كفتح باب ومشي ولف عمامة وكتابة وخياطة لغير ضرورة، فإن كان لضرورة كخوف وهرب من عدو لم تبطل.
فبنقل كلام المذاهب يظهر لك أن ضابط الفعل الكثير المبطل للصلاة متساو عندهم، أو قريب من التساوي، واستدل بالحديث على ترجيح العمل بالأصل على الغالب، كما أشار إليه الشافعيّ، ولابن دقيق العيد هنا بحث من جهة أن حكايات الأحوال لا عموم لها، واستدل به على جواز إدخال الصبيان في المساجد، وعلى أن لمس الصبيان الصغار غير مؤثر في الطهارة ويشمل أن يفرق بين ذوات المحارم وغيرهن وعلى صحة صلاة مَنْ حمل آدميًا، وكذا مَنْ حمل حيوانًا طاهرًا. وللشافعية تفصيل بين المستجمر وغيره.
وقد يجاب عن هذه القصة بأنها واقعةُ حالٍ، فيحتمل أن تكون أُمامة حينئذ قد غسلت، كما ثبت من أن بناتِ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كُن ينظفن صبيانهنّ للدخول عليه صلى الله تعالى عليه وسلم، كما يحتمل أنه صلى الله