هو في المفرد، وفي رواية:"سُقفًّا" بضم السين والقاف وتشديد الفاء، والأُسْقُف والسُّقُفّ لفظ أعجمي، ومعناه رئيس دين النّصارى، أو عالمهم، أو قيّم شريعتهم، وهو دون القاضي، أو فوق القِسِّيس ودون المُطران، وقيل: عربي ومعناه الطويل في انحناء، وقيل ذلك للرئيس لأنه يتخاشع في مشيته، جمعه أساقِفة وأساقِف.
وقوله:"على نصارى الشام" متعلق بـ "أُسْقُفًا".
وقوله:"يحدث" هو خبر كان كما مر، أو خبرها "أسقفًا" وهو حال منه.
وقوله "حين قدم إيلياء" يعني عندما غلبت جنوده جنود فارس، وأخرجوهم كما مر، وكان ذلك في سنة عمرته - صلى الله عليه وسلم - في الحديبية، وبلغ المسلمين نصرة الروم على فارس، وفرحوا، وسبب فرحهم أنه لما غلبت فارس الروم فرح المشركون بمكة، وقالوا للمسلمين: ظَهَر إخواننا، ونحن سنظهر عليكم إن قاتلتمونا، فأنزل الله تعالى: {الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ} [الروم: ١ - ٤] ففرح المَسلمون، وكثر التشاجر بينهم، وبين المشركين، حتى راهن أبو بكر أُبيَّ بن خلف على مئة قَلُوص إن لم يَغْلِبِ الروم فارس في تسع سنين، فلما دخلت السنة السابعة من الالتقاء الأول غلبت الروم، وجاء الخبر بذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، وكان أبيّ قُتِلَ بأحد، فأخذ أبو بكر القَلائِص من ورثته، وكان ذلك قبل تحريم القمار، لأن آية الميسر في "المائدة" وهي من آخر القرآن نزولًا.
وقوله:"أصبح خبيث النفس" أي: رديئها، غير طيبها، أي مهموما، وقد تستعمل في كسل النفس، وعبر بالنفس عن جملة الإِنسان روحه وجسده، اتساعًا، لغلبة أوصاف الروح على الجسد، وفي "الصحيح": "لَا يَقُلْ أحَدُكُم خَبُثَثْ نفسي" كأنه كره اللفظ، والخطاب للمسلمين، وأما هِرَقْل فغير ممتنع في حقه.