للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "بعض بَطارقته" هو بفتح الباء جمع بِطريق بكسرها، أي: قواده، وخواص دولته، وأهل الرأي والشورى منهم.

وقوله: "هَيْئَتُك" أي: سمتك وحالتك التي أنت عليها، لكونها مخالفة لسائر الأيام.

وقوله: "قال ابن النّاطور: وكان هِرَقْل حَزَّاءً" هو بفتح المهملة، وتشديد الزاي، آخره همزة منونة، أي: كاهن، يقال: حَزَا بالتخفيف يَحْزُو حَزْوًا إذا تكهن.

وقوله: "ينظُر في النجوم" خبر ثان لكان إن قلنا إنه ينظر في الأمرين، أو تفسير لحزّاء لأن الكَهَانة تُؤخذ تارة من إلقاء الشياطين، وتارة من أحكام النُّجوم، وكان كل من الأمرين في الجاهلية شائعًا ذائعًا، إلى أن أظهر الله الإِسلام، فانكسرت شوكتهم، وأنكر الشرع الاعتماد عليهم، وقيل إن الحزّاء هو الذي ينظر في الأعضاء، وفي خيلان الوجه، فيحكم على صاحبها بطريق الفراسة، وهذا إن ثبت لا يلزم حَصره في ذلك، بل اللائق في حق هرقل ما تقدم، وكان ما اطلع عليه هِرَقْل من ذلك بمقتضى حساب المنجمين أنهم زعموا أن المولد النبوي كان بقرانِ العُلويَّين ببرج العقرب، وهما يقترنان في كل عشرين سنة مرة، إلى أن تستوفي المثلثة بروجها في ستين سنة، وكان ابتداء العشرين الأولى المولد النبوي في القران المذكور، وعند تمام العشرين الثانية مجيء جِبريل بالوحي، وعند تمام الثالثة فتح خيبر، وعُمرة القضية التي جرَّت فتح مكة وظهور الإِسلام، وفي تلك الأيام رأى هِرَقل ما رأى، ومن جملة ما ذكروه أيضًا أن برج العَقْرب مائي، وهو دليل ملك القوم الذين يختَتِنون، وكان ذلك دليلًا على انتقال الملك إلى العرب، وأما اليهود فليسوا مُرادًا هنا، لأن هذا لمن يُنْقَل إليه الملك، لا لمن انقضى ملكه. وليس المراد بذكر البخاري لهذا قصد الاعتماد على المنجمين، بل قصده أن يبين أن الإِشارات بالنبي - صلى الله عليه وسلم - جاءت من كل طريق، وعلى لسان كل فريق، من كاهن، أو منجم مُحِقٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>