النهي عن غلبة الأعراب على التسميتين، وذلك لأنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إطلاق اسم العشاء على المغرب، وثبت عنه إطلاق اسم العَتَمة على العشاء، فتصرف المصنف في الترجمتين بحسب ذلك.
والحديث الذي ورد في العشاء أخرجه مسلم عن ابن عمر، بلفظ:"لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم، فإنها في كتاب الله العشاء، وإنهم يعتمون بحلاب الإبل"، ولابن ماجه نحوه بإسناد حسن عن أبي هريرة، ولأبي يعلى والبيهقيّ عن عبد الرحمن بن عوف كذلك. زاد الشافعيّ في روايته عن ابن عمر:"وكان ابن عمر إذا سمعهم يقولون العَتَمة صاح وغضب".
وأخرج عبد الرزاق الموقوف من وجه آخر عن ابن عمر، وروى ابن أبي شيبة عن ميمون بن مِهران، قال: قلت لابن عمر: من أول من سمى صلاة العشاء العَتَمة؟ قال: الشيطان. واختلف السلف في ذلك، فمنهم من كرهه كابن عمر راوي الحديث، ومنهم من أطلق جوازه، نقله ابن أبي شيبة عن أبي بكر الصِّديق وغيره، ومنهم من جعله خلاف الأولى، وهو الراجح، وسيأتي للمصنف قريبًا، وكذا نقله ابن المنذر عن مالك والشافعيّ، واختاره ونقل القرطبيّ: إنما نهى عن ذلك تنزيهًا لهذه العبادة الشرعية الدينية، عن أن يطلق عليها ما هو اسم لفِعلة دنيوية، وهي الحَلْبة التي كانوا يحلبونها في ذلك الوقت، ويسمونها العَتَمة، وذكر بعضهم أن تلك الحلبة إنما كانوا يعتمدونها في زمان الجدب خوفًا من السؤال والصعاليك، فعلى هذا فهي فعلة دنيوية مكروهة لا تطلق على فعلة دينية محبوية. وقال الطبري: العتمة بقية اللبن تغبق بها الناقة بعد هَوِيّ من الليل، فسميت الصلاة بذلك لأنهم كانوا يصلونها في تلك الساعة.
ثم قال: وقال أبو هُريرة عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "أثقل الصلاة على المنافقين العشاء والفجر". وقال:"لو يعلمون ما في العتمة والفجر ... " شرع المصنف في إيراد أطراف أحاديث محذوفة الأسانيد، كلّها صحيحة مخرّجة في أمكنة أخرى، حاصلها ثبوت تسمية هذه الصلاة تارة عشاء، وتارة عتمة. وأما الأحاديث التي لا تسمية فيها، بل فيها إطلاق الفعل كقوله: "أعتم النبي صلى الله تعالى عليه