للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسلم" ففائدة ايراده لها الإشارة الى أن النهي عن ذلك إنما هو لإطلاق الاسم، لا لمنع تأخير هذه الصلاة عن أول الوقت. وأبو هريرة مرّ في الثاني من الإيمان، والأول أسنده البخاريّ في فضل العشاء في جماعة، والثاني أسنده في باب الاستفهام في الأذان والشهادات.

ثم قال: قال أبو عبد الله: والاختيار أن يقول: "العشاء لقوله تعالى: {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} أبو عبد الله هو المصنف، وقد قال ابن المنير: هذا لا يتناوله لفظ الترجمة، لأن لفظ الترجمة يشعر بالتسوية، وهذا ظاهر في الترجيح. وفيما قاله نظر، إذ لا تنافي بين الجواز والأولوية، فالشيئان، إذا كانا جائزي الفعل، قد يكون أحدهما أولى من الآخر، وإنما صار عنده أولى لموافقته لفظ القرآن، ويترجح أيضًا بأنه أكثر ما ورد عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وبأن تسميتها عشاء يُشعر بأول وقتها، بخلاف تسميتها عتمة، لأنه يُشعر بخلاف ذلك، وبأن لفظه في الترجمة لا ينافي ما ذكر أنه الاختيار، لأنه أشار بالترجمة إلى الخلاف، وما فيه الخلاف لا يمتنع فيه الاختيار.

ثم قال: ويذكر عن أبي موسى، قال: "كنا نتناوب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عند صلاة العشاء، فأَعْتَم بها. كأنه لم يجزم به، لأنه اختصر لفظه، قد أجاب بذلك من اعترض على ابن الصلاح حيث فرق بين الصيغتين، وحاصل الجواب أن صيغة الجزم تدل على القوة، وصيغة التمريض لا تدل. ثم بين مناسبة العدول في حديث أبي موسى عن الجزم، مع صحته إلى التمريض، بأن البخاري قد يفعل ذلك لمعنى غير التضعيف، وهو ما ذكر من ايراد الحديث بالمعنى، وكذا الاقتصار على بعضه لوجود الاختلاف في جوازه، وإن كان المصنف يرى الجواز.

وهذا التعليق وصله البخاريّ في باب فضل العشاء مطولًا بعد باب واحد، وأبو موسى مرَّ في الرابع من الإيمان.

ثم قال: وقال ابن عباس وعائشة: "أعتم النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-". قوله: "أعتم"، أي:

<<  <  ج: ص:  >  >>