وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد وإسحاق، لكن مشهور مذهب مالك سقوط ترتيب بالنسيان. وعند الحنفية: لا يسقط بالنسيان ولا بكثرة الفوائت. وبالثاني قال الشافعيّ وأصحاب الرأي وأبو ثور وابن القاسم، وهو مذهب الظاهرية. وبالثالث قال أشهب. وقال عِياض: محل الخلاف إذا لم تكثر الصلوات، أما إذا كثرت فلا خلاف أنه يبدأ بالحاضرة، وهذا خلاف في حد القليل، فقيل: صلاة يوم. وقيل: أربع صلوات. ولو تذكر اليسير في أثناء الحاضرة قطع الفذ، وشفع ندبًا إن ركع. وإمام ومأمومه، وتمادى المأموم إن تذكر، وأعاد الصلاة الحاضرة بعد أن يصلي الفائت ندبًا إن كانت الفائتة غير مشركة مع الثانية كالظهر والعصر، وإلا أعاد الثانية وجوبًا أبدًا. وعند أحمد: لو تذكر الفائتة في الوقتين أتمّها، ثم يصلي الفائتة، ثم يعيد الوقتية، وظاهره من غير تفصيل.
وفيه جواز الحلف من غير استحلاف إذا ثبت في ذلك مصلحة دينية. قال النوويّ: هو مستحب إذا كان فيه مصلحة من توكيد أمر، أو زيادة طمأنينة، أو نفي توهم نسيان، أو غير ذلك من المقاصد الحسنة، وإنما حلف صلى الله تعالى عليه وسلم تطييبًا لقلب عمر لما شق عليه تأخيرها. وفيه ما كان عليه صلى الله تعالى عليه وسلم من مكارم الأخلاق، وحسن التأني مع أصحابه، وتألفهم، وما ينبغي الاقتداء به في ذلك، وفيه دليل على عدم كراهية قول ما صليت.
وروى البخاري عن ابن سيرين أنه كره أن يقال: فاتتنا، وليقل: لم ندرك. قال البخاريّ: وقول النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أصحّ، واستدل به بعضهم على أن وقت المغرب متسع؛ لأنه قدم العصر عليها، فلو كان ضيقًا لبدأ بالمغرب، ولاسيما على قول الشافعي في قوله بتقديم الحاضرة، وهو قائل بأن وقت المغرب ضيق، فيحتاج إلى الجواب عن هذا الحديث، وهذا في حديث جابر. وأما حديث أبي سعيد، فلا يتأتى فيه هذا، لما تقدم أن فيه أنه عليه الصلاة والسلام صلى بعد مضي هَوي من الليل، وقد مرّ عند حديث عِمران بن حصين في باب "الصعيد الطيب"، من كتاب التيمم الكلام على الأذان للفائتة، وعلى صلاتها جماعة، وعلى غير ذلك مما لم يذكر هنا.