وقوله:"إلى بُطحان"، بضم أوله وسكون ثانيه، واد بالمدينة، وقيل: هو بفتح أوله وكسر ثانيه. وقوله: فصلى العصر، وفي "الموطأ" من طريق أخرى أن الذي فاتهم الظهر والعصر. وفي حديث أبي سعيد المارّ قريبًا: الظهر والعصر والمغرب، وأنهم صلوا بعد هوي من الليل. وفي حديث ابن مسعود عند الترمذيّ والنسائيّ:"أنَّ المشركين شغلوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن أربع صلوات يوم الخندق، حتى ذهب من الليل ما شاء الله"، وفي قوله:"أربع، تجوز لأن العشاء لم تكن فاتت، ورجح ابن العربى ما في الصحيحين، وقال: إن الصحيح أن الصلاة التي شغل عنها واحدة، وهي العصر، ويؤيده حديث مسلم عن علي: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر".
ومنهم من جمع بأن الخندق كانت وقعته أيامًا، فكان ذلك في أوقات مختلفة في تلك الأيام، وهذا أولى. ويؤيده أن روايتَيْ أبي سعيد وابن مسعود ليس فيهما تعرض لقصة عمر، بل فيهما أن قضاءه للصلاة وقع بعد خروج وقت المغرب. وأما رواية حديث الباب، ففيها أن ذلك كان عقب غروب الشمس.
ودلالة الحديث على صلاة الجماعة، إما أنه يحتمل أن في السياق اختصارًا من الراوي، ويدل عليه ما في رواية الإسماعيليّ بلفظ: "فصَلَّى بنا العَصْرَ"، وإمَّا أنه من إجراء الراوي الفائتة، التي هي العصر، والحاضرة التي هي المغرب، مجرى واحدًا، ولا شك أن المغرب كانت بالجماعة، كما هو معلوم من عادته، وبالاحتمال الأول جزم ابن المنير، قال: مقصود الترجمة مستفاد من قوله: "فقام وقمنا، وتوضأ وتوضأنا"، وهو الواقع في نفس الأمر.
وفي الحديث من الفوائد ترتيب الفوائت، والأكثر على وجوبه مع الذكر لا مع النسيان. وقال الشافعيّ: لا يجب الترتيب. وقال بعضهم: إن الحديث غير دال على وجوبه، إلا إذا قلنا إن أفعاله عليه الصلاة والسلام المجردة للوجوب. نعم لهم أن يستدلوا بعموم قوله عليه الصلاة والسلام: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، واختلفوا فيما إذا تذكر فائتة في وقت حاضرة ضيق، هل يبدأ بالفائتة، وان خرج وقت الحاضرة؟ أو يبدأ بالحاضرة أو يتخيّر؟ أقوال. وبالأول قال مالك