الشفة. وقيل: المراد به السب، والأول أصح. وسب، أي: شتم، وحذف المفعول للعلم به. وفي رواية الجريريّ:"فجزع" بالزاي بدل الدال، أىِ: نسبة إلى الجزع بفتحتين، وهو الخوف. وقيل: المجازعة المخاصمة، فالمعنى خاصم. قال القرطبيّ: ظن أبو بكر أن عبد الرحمن فرّط في حق الأضياف، فلمّا تبيّن له الحال أدبهم بقوله: كلوا لا هنيئًا. وقوله:"وقال: كلوا لا هنيئًا"، كذا في الرواية. وفي رواية مسلم: أي: لا أكلتم هنيئًا"، وهو دعاء عليهم. وقيل: خبر، أي: لم تتهنوا به في أول نضجه.
ويستفاد من ذلك جواز الدعاء على من لم يحصل منه الإنصاف، ولاسيما عند الحرج والتغيظ، وذلك أنهم تحكموا على رب المنزل بالحضور معهم، ولم يكتفوا بولده مع إذنه لهم في ذلك. وكان الذي حملهم على ذلك رغبتهم في التبرك بمواكلته. ويقال: إنه خاطب بذلك أهله لا الأضياف. وأنه لم يرد الدعاء أيضًا، وإنما أخبر أنهم فاتهم الهناء به، إذ لم يأكلوه في وقته.
وقوله: "فقال والله لا أطْعَمه أبدًا"، كذا في رواية مسلم. وفي رواية الجريري: "فقال: فإنما انتظرتموني، والله لا أطعمه أبدًا، فقال الآخرون: والله لا نَطْعَمه حتى تَطْعَمه"، وفي رواية أبي داود: "فقال أبو بكر: فما منعكم؟ قالوا: مكانك. قال: والله لا أطعمه أبدًا، ثم اتفقا، فقال: لم أر في الشر كالليلة، ويلكم مالكم لا تقبلون عنا قِراكم؟ هات طعامك، فوضع فقال: بسم الله الأول من الشيطان، فأكل وأكلوا"، وهذه الرواية ترد على ابن التين قوله: "لم يخاطب أبو بكر أضيافه بذلك إنما خاطب أهله".
وقوله: "وايمُ الله"، همزته همزة وصل عند الجمهور، وقيل: يجوز القطع، وهو مبتدأ خبره محذوف، أي: أيم الله قَسَمي، وأصله أَيْمُنُ الله، فالهمزة حينئذ همزة قطع، لكنها لكثرة الاستعمال خففت فوصلت. وحكي فيها لغات، أيمن الله مثلثة النون، ومن الله مختصرة من الأولى مثلثة النون أيضًا، وأيم الله كذلك. ومُ الله كذلك، وبتثليث ميم أيمن أيضًا، مع تثليث نونها وبكسر همزة أيمن، وضم الميم، ومُن مثلث الميم والنون، وإم بكسر الهمزة، وتثليث الميم، وأيم