بالكسر، وهو الوجه، ومعناه يوسوس، وأصله من خطر البعير بذنبه إذا حركه فضرب به فخذيه، وأما الضم فهو من المرور، أي: يدنو منه، فيمر بينه وبين قلبه فيشغله. وضعف الهَجَريّ الضمّ وقال: هو بالكسر في كل شيء. وقوله:"بين المرء ونفسه"، أي: قلبه، وكذا هو عند المصنف في بدء الخلق من وجه آخر. والمعنى أنه يحول بين المرء وبين ما يريده من إقباله على صلاته وإخلاصه فيها.
وقوله:"اذكر كذا، اذكر كذا"، هكذا بدون واو، وفي رواية كريمة:"واذكر كذا" بواو العطف، وهي لمسلم. زاد مسلم:"فهنّاه ومنّاه، وذكَّره من حاجاته ما لم يكن يذكر". وعند المصنف في صلاة السهو:"اذكر كذا وكذا". وقوله:"لما لم يكن يذكر"، أي: لشيء لم يكن على ذكره قبل دخوله في الصلاة، وفي مسلم:"لما لم يكن يذكر من قبل"، ومن ثم استنبط أبو حَنيفة للذي شكا إليه أنه دفن مالًا ثم لم يهتد لمكانه أن يصلي ويحرص أن لا يحدث نفسه بشيء من أمر الدنيا، ففعل، فذكر مكان المال في الحال. قيل: خصه بما يعلم دون ما لا يعلم؛ لأنه يميل لما يعلم أكثر لتحقق وجوده، والذي يظهر أنه لأعم من ذلك، فيذكره بما سبق له به علم ليشغل باله به، وبما لم يكن سبق ليوقعه في الفكرة فيه، وهذا أعم من أن يكون في أمور الدنيا أو في أمور الدين كالعلم، لكن هل يشمل ذلك التفكر في معاني الآيات التي يتلوها؟ لا يبعد ذلك؛ لأن غرضه نقص خشوعه وإخلاصه بأي وجه كان، وقد مرّ الكلام على هذا عند حديث عثمان:"لا يحُدِّثُ فيهما نَفْسَه" من كتاب الوضوء.
وقوله:"حتى يظل الرجل"، بالظاء المشالة المفتوحة للجمهور، ومعنى يظل في الأصل اتصاف المخبر عنه بالخبر نهارًا، لكنها هنا بمعنى يصير أو يبقى. وعند الأصيليّ:"يَضِل" بكسر الساقطة، أي: ينسى. ومنه قوله تعالى:{أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا}، أو معناه يخطىء، ومنه:{لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى}، والمشهور الأول. وقوله:"لا يدري"، وفي رواية في صلاة السهو:"إن يدري" بكسر همزة إن، وهي نافية بمعنى لا، وحكى ابن عبد البر عن الأكثر في