للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد مرَّ البحث في ذلك في قول النار: آكل بعضي بعضًا، وسيأتي في الحديث الذي فيه: "أن البقرة قالت: إنما خلقت للحرث". وفي مسلم عن جابر بن سمرة موفوعًا: "إني لأعرف حجرًا كان يسلم عليّ". ونقل ابن التين: أن قوله هنا: "ولا شيء" نظير قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}، ولم يختلف أن الآية على عمومها، وإنما اختلف في تسبيح بعض الأشياء؛ هل هو على الحقيقة أو المجاز. والظاهر مساواة الحديث والآية.

وقوله: "إلا شهد له"، للكُشميهنيّ: "إلا يشهد له"، وتوجيههما واضح، والسر في هذه الشهادة مع أنها تقع عند عالم الغيب والشهادة، أن أحكام الآخرة جرت على نعت أحكام الخلق في الدنيا من توجيه الدعوى والجواب والشهادة. قاله الزَّيْن بن المُنير. وقال التوربشتي: المراد من هذه الشهادة اشتهار الشهود له بالفضل يوم القيامة، وعلوّ الدرجة، فكما أن الله يفضح بالشهادة قومًا، فكذلك يكرم بها آخرين. ومن أحاديث فضل الأذان، ما أخرجه أبو القاسم الجوزيّ، عن أبي سعيد وغيره: "ثلاثة يوم القيامة على كُثُب من مسك أسود، ولا يهولهم فزع، ولا ينالهم حساب ... " الحديث. وفيه: "رجل أذن ودعا إلى الله عَزَّ وَجَلَّ ابتغاء وجه الله"، وعند السراج، عن أبي هريرة بسند جيد: "المؤذنون أطول الناس أعناقًا لقولهم: لا إله إلا الله"، وفي لفظ: "يُعرَفُون بطول أعناقهم يوم القيامة". وأخرجه أيضًا ابن حبَّان في صحيحه.

وعند أبي الشيخ: "من أذن خمس صلوات إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه"، وفي كتاب الصحابة لأبي موسى من حديث كثير بن مُرة الحضرميّ موفوعًا: "أو من يُكسى من حلل الجنة، بعد النبيين عليهم الصلاة والسلام والشهداء، بلالٌ وصالح المؤذِّنين". وفي "شعب الإيمان" للبيهقيّ، عن عُبادة بن نسي، يرفعه: "من حافظ على النداء بالأذان سنة أوجب الجنة"، وعند أبي الفرج: "يحشر المؤذنون على نُوقٍ من نُوق الجنة، يخاف الناس ولا يخافون، ويحزن الناس ولا يحزنون". وعن جابر رضي الله تعالى عنه: "قيل: يا رسول الله، من أول الناس دخولًا الجنة؟ قال: الأنبياء، ثم الشهداء، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>