والإخلاص كفاه، وهو اختيار الطّحاوي، وحكوا أيضًا خلافًا: هل يجيب في الترجيع أو لا؟ وفيما أذّن مؤذّن آخر: هل يجيبه بعد إجابته للأول أو لا؟ قال النوويّ: لا أعلم فيه شيئًا لأصحابنا. وقال ابن عبد السلام: يجيب كل واحد بإجابة، لتعدد السبب. وإجابة الأول أفضل إلا في الصبح والجمعة، فإنهما سواء، لأنهما مشروعان.
قلت: المشهور عند المالكية أنه لا يحكى الترجيع، وقيل: يحكيه. والمشهور عندهم أنه يكتفي بحكاية الأول مطلقًا. واختار اللخميّ تكرر الحكاية، واستدل به على جواز إجابة المؤذن في الصلاة، عملًا بظاهر الأمر، ولأن المجيب لا يقصد المخاطبة. وقيل: يؤخر الإجابة حتى يفرغ، والمشهور عند المالكية التفصيل بين النافلة، فتندب الحكاية في أثنائها، وبين الفريضة فتكره في أثنائها، ولا تبطل إلا إذا لم يبدل الحيعلتين بالحوقلتين، فتبطل إن فعل ذلك عمدًا أو جهلًا لا سهوًا.
قال في "الفتح": وقيل: يجيب إلا في الحيعلتين؛ لأنهما كالخطاب للآدميين، والباقي من ذكر الله فلا يمنع، لكن قد يقال: من يبدل الحيعلتين بالحوقلة لا يمنع؛ لأنها من ذكر الله. وفرق ابن عبد السلام بين ما إذا كان يقرأ الفاتحة فلا يجيب بناء على وجوب موالاتها، وإلا فيجيب. وعلى هذا إن أجاب في الفاتحة استأنف. قال: والمشهور في المذهب كراهة الإجابة في الصلاة، بل يؤخرها حتى يفرغ، وكذا في حال الجماع والخلاء. لكن إن أجاب بالحيعلة بطلت.
ونصّ الشافعيّ في "الأم" على عدم فساد الصلاة بذلك، واستدل به أيضًا على مشروعية إجابة المؤذن في الإقامة. قالوا: إلا في كلمتي قد قامت الصلاة، فيقول: أقامها الله وأدامها. وقياس إبدال الحيعلة بالحوقلة في الأذان أن يجيء هنا، لكن قد يفرق بأن الأذان إعلام عام، فيعسر على الجميع أن يكونوا دعاة إلى الصلاة، والإقامة إعلام خاص، وعدد من سمعها محصور، فلا يعسر أن يدعو بعضهم بعضًا، قاله في "لفتح". ومقتضى كلامه هذا أن الإبدال في