تغيير ولا تبديل، بل هي باقية إلى يوم القيامة، وقيل: لأنها هي التي تستحق صفة التمام، وما سواها فمعرّض للفساد. وقيل: وصفت بالتامة لأن فيها أتم القول، وهو لا إله إلا الله. وقال الطيبيّ: من أوله إلى قوله محمد رسول الله، هي الدعوة التامة، والصلاة القائمة في قوله تعالى:{وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ}، هي الحيعلة، ويحتمل أن يراد بالصلاة الدعاء، وبالقائمة الدائمة، مِن أقام على الشيء إذا داوم عليه، وعلى هذا فالصلاة القائمة بيان للدعوة التامة. ويحتمل أن يكون المراد بالصلاة المعهودة المدعو إليها حينئذ، وهذا أظهر.
وقوله:"والوسيلة هي ما يُتقرب به إلى الكبير"، يقال: توسلت، أي: تقربت. وتطلق على المنزلة العلية. ووقع ذلك في حديث عبد الله بن عمرو وعند مسلم بلفظ:"فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون هو ... "، إلخ، ونحوه عند البزار عن أبي هريرة، ويمكن ردها إلى الأول، بأن الواصل إلى تلك المنزلة قريب من الله، فتكون كالقربة التي يتوسل بها.
وقوله:"والفضيلة"، أي: المرتبة الزائدة على سائر الخلائق، ويحتمل أن تكون منزلة أخرى، أو تفسيرًا للوسيلة. وقوله:"مقامًا محمودًا"، أي: يحمد القائم فيه، وهو مطلق في كل ما يجلب الحمد من أنواع الكرامات، واختلف في فاعل الحمد من قوله:"مقامًا محمودًا"، فالأكثر على أن المراد به أهل الموقف، وقيل: النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، أي أنه هو يحمد عاقبة ذلك المقام، لتهجده في الليل، والأول أرجح لما ثبت في حديث عبد الله بن عمر الآتي في الزكاة بلفظ:"مقامًا محمودًا يحمده أهل الجمع كلهم"، ويجوز أن يحمل على ما هو أعم من ذلك، أي: مقامًا يحمده القائم فيه، وكل من عرفه، واستحسن هذا أبو حَيّان وأيّده بأنه نكرة، فدل على أنه ليس المراد مقامًا مخصوصًا، ونصب مقامًا على الظرفية، أي: ابعثه يوم القيامة، فأقمه مقامًا محمودًا، أو ضَمّن ابعثه، معنى أقمه، أو على أنه مفعول به، ومعنى ابعثه أعطه، ويجوز أن يكون حالًا، أي: ابعثه ذا مقام محمود.