قال النّوويّ: ثبتت الرواية بالتنكير، وكأنه حكاه للفظ القرآن، وقال الطَّيبيّ: إنما نكره لأنه أفخم وأجزل، كأنه قيل: مقامًا، أي: مقام محمود بكل لسان، وقد ورد معرفًا عند النسائي وصحيح ابن خزيمة وابن حِبّان وفي الطَّحاويّ والطبرانيّ في "الدعاء" والبيهقيّ.
وقوله:"الذي وعدته"، زاد البيهقي:"إنك لا تخلف الميعاد"، وقال الطِّيبيّ: المراد بذلك قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} وأطلق عليه الوعد لأن عسى من الله واقع، لما صح عن ابن عُيينة وغيره، والموصول إما بدل أو عطف بيان أو خبر مبتدأ محذوف، وليس صفة للنكرة. وفي رواية تعريف المقام المحمود الماضية يصح وصفه بالموصول، قال ابن الجَوْزيّ: الأكثر على أن المراد بالمقام المحمود الشفاعة، وقيل: إجلاسه على العرش، فقد روى الطَّبريّ عن ابن نجِيح، عن مُجاهد: المقام المحمود: الشفاعة
وروي عن ليث، عن مجاهد في قوله تعالى:{مَقَامًا مَحْمُودًا} يجلسه معه على عرشه، ثم أسنده وقال: الأول أَوْلي، على أن الثاني ليس بمدفوع، لا من جهة النقل ولا من جهة النظر. وقال ابن عَطِيّة: هو كذلك إذا حمل على ما يليق به، وبالغ الواحِديّ في رد هذا القول، وقال أبو داود، صاحب السنن: من أنكره فهو متهم، وقيل: هو إجلاسه على الكرسيّ، فقد أخرج الطَّبريّ، عن ابن مسعود عند الثَّعلبيّ، وعن ابن عباس عند أبي الشيخ، وعن عبد الله بن سَلام:"أنَّ محمدًا يوم القيامة على كُرسيّ الرب بين يدي الربّ"، ويحمل هذا وما جاء عن مجاهد، على أن الإضافة فيه إضافة تشريف، وحديث ابن مسعود، وأخرجه أحمد والنَّسائيّ والحاكم، وعلى تقدير صحة الإجلاس لا ينافي الأول، لاحتمال أن يكون الإجلاس هي المنزلة المعبر عنها بالوسيلة أو الفضيلة.
وفي صحيح ابن حبان عن كعب بن مالك مرفوعًا:"يَبعث الله الناسَ فيكسونيّ حُلّة خضراء، فأقول ما شاء الله أن أقول، فذلك المقام المحمود"، ويظهر أن المراد بالقول المذكور هو الثناء الذي يقدمه بين يدي الشفاعة، ويظهر