اليوم، وهذا مردود، فإن الذي يفعله الناس اليوم محدَث قطعًا، وقد تضافرت الطرق على التعبير بلفظ الأذان، فحمله على معناه الشرعيّ مقدم، وأيضًا لو كان الأذان الأول بألفاظ مخصوصة غير ألفاظ الأذان، لما التبس على السامعين. وسياق الخبر يقتضي أنه خشي عليهم الالتباس. وادّعى ابن القَطّان أن ذلك كان في رمضان خاصة، وفيه نظر.
وقد اختلف في الوقت الذي يؤذن للصبح فيه، فمشهور مذهب مالك أنه من سدس الليل الأخير، وعند الشافعي مختلف فيه، فالذي صححه النَّوويّ في أكثر كتبه أن وقته من أول نصف الليل الآخر؛ لأن صلاته تدرك الناس وهم نيام، فيحتاجون إلى التأهب لها، وهذا مذهب أحمد وأبي يُوسُف وابن حَبيب من المالكية، لكن يعكر على هذا قول القاسم بن محمد المَرْوزِيّ عند المؤلف في الصيام: لم يكن بين أذانهما، أي: بلال وابن أم مكتوم إلا أن يرقى هذا وينزل ذا، ولا يقال: إن هذا مرسل؛ لأن القاسم تابعي لم يدرك ما القصة المذكورة، لأنه ثبت في رواية النّسائيّ والطّحاويّ عن القاسم، عن عائشة، فذكر الحديث، وفيه:"فقالت: ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويصعد هذا"، وهذا ينفي كونه مرسلًا.
ومن ثمّ اختار السُّبكيّ فى "شرح المنهاج"، وحكى تصحيحه عن القاضي حسين والمُتَولِّي، وقطع به البَغْويّ أن الوقت الذي يؤذن فيه قبل الفجر هو وقت السحر، وهو كما قال في "القاموس": قبيل الصبح. وكلام ابن دقيق العيد يشعر به، فإنه قال بعد أن حكاه: يرجح هذا بأنّ قوله إن بلالًا ينادي بليل، خبر تتعلق به فائدة للسامعين قطعًا، وذلك إذا كان وقت الأذان مشتبهًا محتملًا لأن يكون عند طلوع الفجر، فبيّن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن ذلك لا يمنع الأكل والشرب، بل الذي يمنعه طلوع الفجر الصادق، قال: وهذا يدل على تقارب وقت بلال من الفجر، ويقويه أيضًا ما تقدم من أن الحكمة في مشروعيته التأهب لإدراك الصبح في أول وقتها.
واحتج الطَّحاويّ لعدم مشروعية الأذان قبل الفجر بقوله: لما كان بين