في كتاب "السنة" أن الشافعي وأحمد استدلّا على أن الأعمال تدخل في الإِيمان بآية: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ} إلى قوله: {دِينُ الْقَيِّمَةِ}[البينة: ٥] قال الشّافعي: ليس عليهم أحج من هذه الآية، وأخرج الحاكم، في "مناقب الشافعي" عن الرَّبيع قال: سمعت الشَّافعي يقول: الإِيمان قول وعمل، ويزيد وينقص. وأخرجه أبو نعيم في ترجمة الشّافِعِي من "الحِلْية" من وجه آخر عن الربيع، وزاد: يزيد بالطّاعة، وينقُص بالمعصية، ثم تلا:{وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا}[المدثر: ٣١] وكونه يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، لم يخالف فيه أحد، وما رُوِي عن مالك من أنه توقف عن القول بنقصانه، إنما هو خشية أن يتأول عليه موافقة الخوارج، ثم استدل المصنف على زيادة الإِيمان بثماني آيات من القرآن العظيم، مُصَرِّحة بالزيادة، وبثبوتها يثبت المقابل، فإن كل قابل للزيادة قابل للنقصان ضرورة.
قال الله تعالى:{لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ}[الفتح: ٤] وفي رواية: "وقال" بالواو، وهذه الآية في سورة الفتح، وقال تعالى في سورة الكهف:{وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}[الكهف: ١٣] أي: بالتوفيق والتثبيت، وهذه الآية ساقطة في بعض الروايات.
وقال:{وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى}[مريم: ٧٦] وفي رواية "يزيد الله" بإسقاط الواو، هدى أي: بتوفيقه، وهذه الآية في مريم.
وقال:{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ}[محمد: ١٧] أي: بين لهم ما يتقون، أو أعانهم على تَقْواهم، أو أعطاهم جزاءَها، وهذه الآية في القتال.
{وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا}[المدثر: ٣١] أي: بتصديقهم بأصحاب النار المذكورين في قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً} وهذه الآية في المدثر.