للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحاح، من أنه عليه الصلاة والسلام لم يداوم عليها، ومن ذهب إلى أن المراد به الفصل لا يتقيد بالأيمن، ومن قيد بالأيمن قال: يختص ذلك بالقادر، وأما غيره فهل يسقط الطلب أو يومىء بالاضطجاع، أو يضطجع على الأيسر؟ وقال ابن حزم: يومىء ولا يضطجع على الأيسر، ولم ينقل عن غيره، وذهب بعض السلف إلى استحببها في البيت دون المسجد، وهو محكى عن ابن عمر، وقوّاه بعض الشيوخ بأنه لم ينقل عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه فعله في المسجد، وصح عن ابن عمر أنه كان يحصب من يفعله في المسجد. أخرجه ابن أبي شَيبة.

ونقل عياض أن الاضطجاع على اليمين عند مالك، وجمهور العلماء وجماعة من الصحابة بدعة مكروهة، ولكن محل كراهته عند مالك إذا فعله على وجه السُّنِّة لا على وجه الاستراحة، ويدل لمالك ومن معه ما مرّ عن عائشة عند ابن أبي شَيبة، وقد ثبت في الصحيح أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يُصلي بالليل إحدى عشرة ركعة، يوتر منها بواحدة، فإذا فرغ منها اضطجع على شقه حتى يأتيه المؤذن فيصلي ركعتين خفيفتين، فهذا الاضطجاع كان بعد صلاة الليل، وقبل ركعتي الفجر، ولم يقل أحد إن الاضطجاع قبلهما سنة، فكذا بعدهما.

وقد روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها، كما عند البخاريّ، أنها قالت: "إن كنت مستيقظة حدثني، وإلا اضطجع"، فهذا يدل على أنه ليس بسنة، وأنه تارة كان يضطجع قبل، وتارة بعد، وتارة لا يضطجع. وقد أخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود إنكار الاضطجاع، وأخرج أيضًا عن إبراهيم النخعيّ أنها ضجعة الشيطان. وما أجاب به القائل بسنيتها من أنهما لم يبلغهما الأمر بفعله بعيد جدًا في ابن مسعود؛ لأنّه صاحب السواد. وقد مرّ عن ابن عمر حصبه لفاعلها في المسجد. وروي عنه أنه بدعة. وأخرج ابن أبي شيبة أيضًا عن الحسين أنه كان لا يعجبه الاضطجاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>