اليمين والشمال، كما يأتي قريبًا إن شاء الله تعالى. وقال الكِرْمَانيّ: لفظ المُؤذِّن بالنصب، وفاعله محذوف تقديره الشخص، وفاه بالنصب بدل من المؤذن. قال: ليوافق قول أبي جُحَيْفَة في الحديث "فجعلت اتتبع فاه" وليس ذلك بلازم لما عرفت من طريقة المصنف، أنه لا يقف مع اللفظ الذي يورده غالبًا، بل يترجم له ببعض ألفاظه الواردة فيه، وكذا وقع هنا، فإن في رواية عبد الرحمن بن مَهْدِيّ عن سفيان عند أبي عَوانة في صحيحه "فجعل يتتبع بفيه يمينًا وشمالًا" وفي رواية وكيع عن سفيان عند الإسماعيلي "رأيت بلالًا يؤذن يتتبع بفيه" ووصف سفيان "يميل برأسه يمينًا وشمالًا" والحاصل أن بلالًا كان يتتبع بفيه الناحيتين، وكان أبو جُحَيْفَة ينظر إليه، فكل منهما متتبع باعتبار.
وقوله: وهل يلتفت في الأذان، يشير إلى ما مرَّ في رواية وكيع، وعند النّسائي من رواية الأزرق "فجعل ينحرف يمينًا وشمالا" وعند مسلم من رواية وكيع عن أبي جُحَيْفَة "فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا يمينًا وشمالًا، يقول حي على الصلاة، حي الفلاح" وهذا فيه تقييده للالتفات في الأذان، وأن محله عند الحَيْعَلَتين وبوب عليه ابن خزيمة باب "انحراف المؤذن عند قوله حيّ على الصلاة، حي على الفلاح" بفمه لا ببدنه كله "قال: وإنما يمكن الانحراف بالفم بانحراف الوجه، ثم ساقه عن وكيع أيضًا بلفظ "فجعل يقول في أذانه هكذا، ويحرف رأسه يمينًا وشمالًا" وعند التِّرْمِذِي من رواية عبد الرّزّاق عن الثّوريّ "رأيت بلالًا يؤذن ويدور، ويتبع فاه هاهنا وهاهنا، وأصبعاه في أذنيه" ففي هذا الحديث زيادتان، إحداهما الاستدارة، والأخرى وضع الأصبع في الأذن.
وقوله: يدور، مُدْرَج في رواية سفيان عن عون، بيّن ذلك يحيى بن آدم عن سفيان عن عَوْن عن أبيه قال: رأيت بلالًا أذّن فاتبع فاه هاهنا وهاهنا، والتفت يمينًا وشمالًا". قال سفيان كان حجاج، يعني ابن أرطأة، يذكر لنا عون أنه قال "فاستدار في أذانه، فلما لقينا عونًا لم يذكر فيه الاستدارة"، أخرجه الطّبَرانيّ وأبو الشَّيْح، وأخرجه البَيْهَقيّ، لكنه لم يسم حجاجًا، ولم ينفرد به حَجَّاج، بل وافقه إدريس الأَوْدِي ومحمد العَرْزَميّ عن عَوْن، لكن الثلاثة ضُعَفاء، وقد خالفهم من هو أمثل منهم، قيس بن الربيع، فقد رواه أبو داود عنه عن عَوْن فقال في