الصلاة" لأنه يتناول ما قبل الإقامة، وإنما قيد في الحديث الثاني بالإقامة؛ لأن ذلك هو الحامل في الغالب على الإسراع.
وقوله: وعليكم بالسكينة، كذا في رواية أبي ذَرٍّ، ولغيره "وعليكُمُ السَكِينَة" بغير باء، وكذا في رواية مُسْلم. وأعربها القُرْطُبيّ بالنصب على الإغراء، والنَّوَويّ بالرفع على أنها جملة موضع الحال، واستشكل بعضهم دخول الباء. قال لأنه متعد بنفسه، كقوله تعالى:{عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}[المائدة: ١٠٥] وفيه نظر، لثبوت زيادة الباء في الأحاديث "الصحيحة" كحديث "عليكم برخصة الله" وحديث "فعليه بالصوم فإن له وجاء" وحديث "فعليكَ بالمرأة" قاله لأبي طلحة في قصة صفية، وحديث "عليك بعيبتك" قالته عائشة لعمر، وحديث "عليكم بقيام الليل وحديث "عليك بخويصة نفسك" وغير ذلك. ثم إن الذي علل به هذا المعترض غير موف بمقصوده إذ لا يلزم من كونه يَتَعَدّى بنفسه امتناع تعديه بالباء، وإذا ثبت ذلك دل على أن فيه لغتين.
والحكمة في هذا الأمر تستفاد من زيادة وقعت في مُسْلم عن أبي هُرَيرة، فذكر نحو حديث الباب وقال في آخره "فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة" أي أنه في حكم صلاة فينبغي له اعتماد ما ينبغي للمصلي اعتماده، واجتناب ما ينبغي للمصلي اجتنابه. وقوله: والوَقار، بفتح الواو، قال عِياض. والقُرْطُبيّ هو بمعنى السكينة، وذكر على سبيل التأكيد. وقال النَّوَوِيّ: الظاهر أن بينهما فرقًا. وأن السكينة الثاني في الحركات واجتناب العبث، والوقار في الهيئة كغض البصر وخفض الصوت وعدم الالتفات، ونظم بعض أشياخنا هذا المعنى فقال:
وخفضُ صوتِ ثم غَضُّ البَصَرِ ... هو الوقار عندهم في الأشهرِ
أما السكينة فبالتأني ... وعدم الفعل لما لا يعني
وقوله: لا تسرعوا، فيه زيادة التأكيد، ويستفاد منه الرد على من أوّل قوله في حديث أبي قتادة السابق "لا تفعلوا" أي الاستعجال المفضي إلى عدم الوقار، وأما الإسراع الذي لا ينافي الوقار، كمن خاف فوت التكبيرة، فلا، وهو