ويأتي في الحديث أن العشاء والفجر أثقل على المنافقين من غيرهما، وإنما كانتا أثقل عليهم من غيرهما لقوة الداعي إلى تركهما لأن العشاء وقت السكون والراحة، والصبح وقت لذة النوم. وقيل: وجهه كون المؤمنين يفوزون بما ترتب عليهما من الفضل لقيامهم بحقها دون المنافقين. وقوله: ثم أخالف إلى رجال، أي آتيهم ملأ خلفهم. قال الجَوْهَريّ: خالف إلى فلان، أي أتاه إذا غاب عنه، أو المعنى أُخالف الفعل الذي أظهرت من إقامة الصلاة، وأتركه وأسير إليهم، أو معنى أخالف ظنهم في أني مشغول بالصلاة عن قصدي إليهم، أو أخالف أتخلف، أي عن الصلاة إلى قصد المذكورين، والتقييد بالرجال يُخرج النساء والصبيان.
وقوله: فَأُحَرِّقُ بالتشديد، والمراد به المبالغة، يقال: حرّقه إذا بالغ في تحريقه، وقوله: عليهم، يشعر بأن العقوبة ليست قاصرة على المال، بل المراد تحريق المقصودين والبيوت تبعًا للقاطنين فيها. وفي رواية مسلم "فأحرق بيوتًا على من فيها". وقوله: والذي نفسي بيده، فيه إعاده اليمين للمبالغة في التأكيد. وقوله: أنه يجد عرقًا، أي بفتح المهملة وسكون الراء بعدها قاف. قال الأَزْهَرِي: العَرْق بالفتح واحد العُراق، بالضم، وهي العظام التي يؤخذ منها هبر اللحم، ويبقى عليها لحم رقيق فيكسرويطبخ ويؤكل ما على العظام من لحم دقيق، ويتشمس العظام، يقال: عرقت العظم واعترقته وتعرقته إذا أخذت اللحم منه نهشًا.
وقال الأصْمَعيّ: العَرْق بسكون الراء قطعة لحم، ونقل جمع العَرْق على العِراق بكسر العين، وهو أقيس. وقال الخليل: العِراق العظم بلا لحم، وإن كان عليه لحم فهو عَرْق. وقوله: ومِرمَاتين، تثنية بكسر الميم، مثل مِنسأة ومِيضأة، وهي ما بين ظلفي الشاة من اللحم أو الظلفان نفسهما. قال عِيَاض: فالميم على هذا أصلية. قلت: لم أفهم وجه أصالتها مع أنها شبهت بمِنسأة ومِيضأة والميم فيهما زائدة، وأيضًا القاعدة التصريفية أن الميم إذا سبقت ثلاثة أحرف أصلية يحكم عليها بالزيادة، وهي كذلك. وقيل: المِرماة لعبة كانوا