يلعبونها بنصال محددة يرمونها في كوم من تراب، فأيهم أثبتها في الكوم غلب، وهي المِرماة والمِدحاة، ويبعد أن تكون هذه مراد الحديث، لأجل التثنية، وقيل: المرماة سهم الهدف، ويؤيده ما في حديث أبي هُريرة "لو أن أحدهم إذا شهد الصلاة معي، كان له عظم من شاة سمينة، أو سهمان لفعل" وقيل: المرماة سهم يتعلم عليه الرميّ وهو سهم دقيق مستوي غير محدد، قال ابن المُنِير: ويدل على ذلك التثنية فإنها مشعرة بتكرار الرامي بخلاف السهام المحددة الحربية، فإنها لا يتكرر رميها. وقال الزَّمَخْشَريّ: تصير المِرْمَاة بالسهم ليس بوجيه، ويدفعه ذكر العرق معه، ووجهه ابن الأَثير بأنه لما ذكر العظم السمين، وكان مما يؤكل، أتبعه بالسهمين لأنهما مما يُلَهّى به، ووصف العَرْق بالسمين، والمِرماة بالحسن، ليكون ثَمّ باعثٌ نفسانيّ على تحصيلهما.
وقوله: لشهد العشاء أي صلاتها، فالمضاف محذوف، والمعنى لو علم أنه لو حضر الصلاة يجد نفعًا دنيويا، وإن كان خسيسًا حقيرًا لحضرها، لقصور همته على الدنيا، ولا يحضرها لمالها من مثوبات الأخرى ونعيمها، فهو وصف بالحرص على الشيء الحقير من مطعوم أو ملعوب به، مع التفريط فيما يحصل به رفيع الدرجات ومنازل الكرامات، وحديث الباب ظاهر في كون الجماعة فرض عين؛ لأنها لو كانت سنة لم يهدد تاركها بالتحريق، ولو كانت فرض كفاية لكانت قائمة بالرسول ومن معه، ويحتمل أن يقال إن التهديد بالتحريق المذكور يمكن أن يقع في حق تاركي فرض الكفاية، كمشروعية قتال تاركي فرض الكفاية، وفيه نظر؛ لأن التحريق الذي قد يفضي إلى القتل أخص من المقاتلة، ولأن المقاتلة إنما تشرع فيما إذا تمالأ الجميع على الترك.
وإلى القول بأنها فرض عين ذهب عَطَاء والأَوْزَاعيّ وأحمد وجماعة من محدِّثي الشافعية، كأبي ثَور وابن خُزَيْمَة وابن المُنذر وابن حِبّان، وبالغ داود ومن تبعه فجعلها شرطًا في صحة الصلاة، وهذا مبني على أن ما وجب في العبادة كان شرطًا فيها، وهذا هو الغالب، ولكن لما كان الوجوب قد ينفك عن الشرطية، قال أحمد، ومن قال بقوله: إنها واجبة غير شرط. وظاهر ما نص