ظلهما إنما يحصل لهم بعد الاستقرار في الجنة، ثم إن ذلك مشترك لجميع من يدخلها، والسياق يدل على امتياز أصحاب الخصال المذكورة، فيترجح أن المراد ظل العرش.
وروى التِّرمِذِيّ، وَحَسّنَهُ عن أبي سعيد مرفوعًا "أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأقربهم منه مجلساً إمام عادل". وقوله: الإِمام العادل، اسم فاعل من العدل، وذكر ابن عبد البر أن بعض الرواة رواه عن مالك بلفظ "العدل قال" وهو أبلغ؛ لأنه جعل المسمى نفسه عدلًا والمراد به صاحب الولاية العظمى ويلتحق به كل من ولي شيئًا من أمور المسلمين فعدل فيه، ويؤيده رواية مسلم عن عبد الله بن عمرو، ورفعه "أن المُقْسِطِين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا" وأحسن ما فسر به العادل "أنه الذي يتّبع أمر الله تعالى، بوضع كل شيء في موضعه من غير إفراط ولا تفريط، وقدمه في الذكر لعموم النفع به، فالإمام العادل يصلح الله به أمورًا عظيمة.
وقوله: وشاب، خص الشاب، وهو مَن لم يبلغ الأربعين، لكونه مظنة غلبة الشهوة، لما فيه من قوة الباعث على متابعة الهوى، فإن ملازمة العبادة مع ذلك أشد، وأدل على غلبة التقوى. وقوله: في عبادة ربه، في رواية أحمد "بعبادة الله" وهي رواية مسلم، وهما بمعنى، وأخرجه الجَوْزَقيّ بزيادة "حتى توفي على ذلك" وفي حديث سلمان "أفنى شبابه ونشاطه في عبادة الله" وقوله: معلق في المساجد، هكذا هو في الصحيحين، وظاهره أنه من التعليق، كأنّه شبهه بالشيء المعلق في المسجد كالقنديل مثلًا، إشارة إلى طول الملازمة بقلبه، وإن كان جسده خارجًا عنه، ويدل عليه الجوزقيّ "كأنما قلبه معلق في المسجد" ويحتمل أن يكون من العلاقة، وهي شدة الحب. وتدل عليه رواية أحمد "معلق في المساجد" وكذا رواية سلمان "من حبها"وزاد مالك "إذا خرج منه يعود إليه" وفي رواية المُسْتَمِلْي والحَمَوِيّ، متعلقإ بزيادة مثناة بعد الميم وكسر اللام، وهذه الخصلة هي المقصودة من هذا الحديث للترجمة، ومناسبتها للركن الثاني من الترجمة، وهو فضل المساجد، ظاهرة. وللأول من جهة ما دل عليه من