مالك تناوله من ابن إسحاق فلربما تكلم الإنسان فيرمي صاحبه بشيء، ولا يتهمه في الأمور كلها، وقال محمد بن فُلَيْح: نهاني مالك عن شيخين من قريش، وقد أكثر عنهما في "الموطأ" وهما ممن يحتج بهما، قال: ولم ينج كثير من الناس من كلام بعض الناس فيهم، نحو ما يذكر عن إبراهيم من كلامه في الشعبى، وكلام الشَّعْبِيّ في عكرمة، ولم يلتفت أهل العلم في هذا النحو إلا ببيان وحجة، ولم تسقط عدالتهم إلا ببرهان وحجة.
وقد قال شُعْبَةُ: ابن إسحاق أمير المؤمنين لحفظه، وفي رواية عنه: لو سُوِّد أحد في الحديث لَسُوِّد محمد بن إسحاق. وقال ابن سعد: كان ثقة، ومن الناس من تكلم فيه، وكان خرج من المدينة قديمًا فأتى الريّ والكوفة وبغداد، وأقام بها حتى مات، ورواته من أهل البلدان أكثر من رواته من أهل المدينة، لم يرو عنه منهم سوى إبراهيم بن سعد. وقال ابن عَدِيّ: ولمحمد بن إسحاق حديث كثير، وقد روى عنه أئمة الناس، ولو لم يكن له من الفضل إلا أنه صرف الملوك عن الاشتغال بكتب لا يحصل منها شيء، إلى الاشتغال بمغازي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومبعثه ومبدأ الخلق، لكانت هذه فضيلة سبق إليها.
وقد صنف بعده قوم فلم يبلغوا مبلغه، وقد فتشت أحاديثه الكثيرة فلم أجد فيها ما يتهيأ أن يقطع عليه بالضعف، وربما أخطأ أو يهم في الشيء كما يخطىء غيره، وهو لا بأس به. وقال ابن المَدينيّ: لم أر لابن إسحاق إلا حديثين منكرين: نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"إذا نعس أحدكم يوم الجمعة" والزهري عن عروة عن زيد بن خالد "إذا مس أحدكم فرجه" والباقي، يعني المناكير، يقول في حديثه "ذكر فلان" ولكن هذا فيه حديثًا. وقال أيوب بن إسحاق: سألت أحمد إذا انفرد ابن إسحاق بحديث تقبله؟ قال: لا، والله، إني رأيته يحدث عن جماعة بالحديث الواحد، ولا يفصل كلام ذا من كلام ذا. قال أيوب: وكان ابن المدينيّ يثني عليه ويقدمه. وقال أبو داود: سمعت أحمد ذكر محمد بن إسحاق فقال: كان رجلًا يشتهي الحديث، فيأخذ كتب الناس فيضعها في كتبه. وقال أيضًا: كان ابن إسحاق يدلس إلا أن كتاب إبراهيم إذا