وقال: قدم ابن إسحاق بغدادَ، فكان لا يبالي عمن يحكي، عن الكلبي وغيره، فقيل له: أيما أحب إليك؟ ابن إسحاق أو موسى بن عُبَيْدة؟ فقال: ابن إسحاق. وقال أيضًا: ابن إسحاق ليس بحجة، وقال عبد الله بن أحمد: ما رأيت أبي أتقن حديثه قط، وكان يتتبعه بالعلو والنزول، قيل له: يحتج به؟ قال: لم يكن يحتج به في السنن. وقال عباس الدُّوريّ عن ابن مَعِين: ابن إسحاق ثقة، وليس بحجة. وقال يعقوب بن شَيْبَةَ: سألت ابن مَعين عنه فقلت: في نفسك من صدقه شيء؟ قال: لا، هو صدوق. وقال أبو زُرْعَة: قلت لابن مَعين، وذكرت له الحجة: محمد بن إسحاق منهم؟ فقال: كان ثقة، إنما الحجة مالك وعُبَيد الله بن عمر. وفي رواية عنه: ليس به بأس. وفي رواية: ليس بذلك ضعيف، وفي رواية: ليس بالقوي، وقال النَّسائي: ليس بالقويّ. وقال العِجْلي مدنيّ ثقة. وقال ابن يونس: قدم الإسكندربة، وروى عن جماعة من أهل مصر أحاديث لم يروها عنهم غيره فيما علمت، وقال ابن المدينيّ: ثقة لم يضعفه عندي إلا روايته عن أهل الكتاب، وكذبه سليمان التيميّ ويحيى القطّان، ووُهَيب بن خالد، فأما وُهَيب والقَطّان فقلدا فيه هشام بن عُرْوَة ومالكا وأما سليمان التيميّ فلم يتبين لي لأي شيء تكلم فيه، والظاهر أنه لأمر غير الحديث؛ لأن سليمان ليس من أهل الجرح والتعديل.
قال ابن حِبّان في الثقات: تكلم فيه رجلان: هشام ومالك، فأما قول هشام فليس مما يجرح به الإنسان، وذلك أن التابعين سمعوا عن عائشة، من غير أن ينظروا إليها، وكذلك ابن إسحاق، كان سمع من فاطمة والستر بينهما مُسْبَل، وأما مالك، فإن ذلك كان منه مرة واحدة، ثم عاد له إلى ما يحب، ولم يكن يقدح فيه من أجل الحديث، إنما كان ينكر تتبعه غزوات النبي -صلى الله عليه وسلم- من أولاد اليهود الذين أسلموا، وحفظوا قصة خيبر وغيرها، وكان ابن إسحاق يتتبع هذا منهم من غير أن يحتج بهم، وكان مالك لا يرى الرواية إلا عن متقن، ولما سُئِل ابن المبارك عنه قال: إنّا وجدناه صدوقًا ثلاث مرات. قال ابن حبَّان: ولم يكن أحد