بالمدينة يقارب ابن إسحاق في علمه، ولا يوازيه في جمعه، وهو من أحسن الناس سياقًا للأخبار، إلى أن قال: وكان يكتب عن من هو فوقه ومثله ودونه، فلو كان ممن يستحل الكذب لم يحتج إلى النزول، فهذا يدلك على صدقه، وذكر عند يحيى بن يحيى فَوَثَّقه.
وقال الدارقُطنيّ: اختلف الأئمة فيه، وليس بحجة، إنما يعتبر به. وقال أبو يَعْلى الخَليليّ: ابن إسحاق عالم كبير، وإنما لم يخرج له البُخاريّ من أجل رواياته المطولات. وقد استشهد به وأكثر عنه فيما يحكي في أيام النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي أحواله، وفي التواريخ، وهو عالم واسع العلم ثقة. وقال ابن البَرْقيّ: لم أر أهل الحديث يختلفون في ثقته وحسن حديثه وروايته. وفي روايته عن نافع بعض الشيء وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، وقال أبو زرعة: صدوق. وقال محمد بن يحيى: هو حسن الحديث عنده غرائب. وروى عن الزُّهريّ فأحسن الرواية. وقال البُوشَنْجيّ: هو عندنا ثقة ثقة، وقال البُخاريّ: محمد بن إسحاق ينبغي أن يكون عنده ألف حديث ينفرد بها، وقال مصعب: كانوا يطعنون عليه بشيء من غير جنس الحديث.
وقال أبو زُرعة الدّمشقيّ: ابنُ إسحاق رجل أجمع الكبراء من أهل العلم على الأخذ عنه، وقد اختبره أهل الحديث مرارًا صدقًا وخيرًا مع مدحه ابن شهاب له، وقد ذاكرت دخيمًا قول مالك فيه، فرأى أن ذلك ليس للحديث، إنما هو اتهمه بالقدر. وقال الدَّراوَرْدِيّ: جلِدَ ابنُ إسحاق في القدر. وقال الجَوْزجَانيّ: الناس يشتهون حديثه، وكان يرمى بغير نوع من البدع، وقال محمد بن عبد الله بن نُمَير: كان محمد بن إسحاق يرمى بالقدر، وكان أبعد الناس منه. وقال: إذا حدث عمن سمع منه من المعروفين فهو حسن الحديث، صدوق، وإنما أُتي من أنه يحدث عن المجهولين أحاديث باطلة.
رأى أَنسًا وابن سيرين وأبا سَلَمة عبد الرحمن، وروى عن أبيه وعَمَّيْه عبد الرحمن وموسى، والأعرج وعُبيد الله بن عمر والقاسم بن محمد والزُّهريّ وابن المُنكَدِر وغيرهم. وروى عنه يحيى بن سعيد الأنصاريّ ويزيد بن أبي حَبيب،