وقوله: صنعوا ذلك ليلتين أو ثلاثًا، وفي رواية التهجد "ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة" رواه مالك بالشك، وفي رواية الجمعة "فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا" وفي هذه الرواية التي هنا "فأصبحوا فتحدثوا بذلك" ولمسلم يتحدثون بذلك، ولأحمد "فلما أصبح تحدثوا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسجد من جوف الليل، فاجتمع أكثر منهم" زاد يونس "فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- في الليلة الثانية، فصلوا معه فأصبح الناس يذكرون ذلك، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله" ولابن جريج "حتى كان المسجد يعجز عن أهله" ولأحمد "امتلأ المسجد حتى اغتص بأهله" وله أيضًا "فلما كانت الليلة الرابعة غص المسجد بأهله".
وقوله: فلم يخرج زاد أحمد عن ابن جريج "حتى سمعت" يعني عائشة "ناسًا منهم يقولون: الصلاة"، وفي رواية فقالوا ما شابه، وفي حديث زيد بن ثابت في الاعتصام "فقدوا صوته وظنوا أنه قد نام، فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج إليهم" وفي حديثه في الأدب "فرفعوا أصواتهم، وحصبوا الباب" وقوله: فلما أصبحَ ذكر ذلك الناس، أي له، وأفاد عبد الرزاق عن عُروة أن الذي خاطبه بذلك عمر بن الخَطّاب، رضي الله تعالى عنه. وفي رواية التهجد "فلما أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم" وفي رواية عقيل في الجمعة "فلما قضى صلاة الفجر أقبل على الناس، فتشهَّد ثمّ قال: أما بعد، فإنيّ لم يخف عليّ مكانكم" وفي رواية يونُس وابن جُرَيج "لم يخف عليّ شأنكم" وفي رواية أبي سلمة "اكلفوا من العمل ما تُطيقون" وليس في شيء من طرقه بيان عدد صلاته في تلك الليلة، لكن روى ابن خُزَيْمَة وابن حِبّان عن جابر قال:"صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رمضان ركعات، ثم أوتر، فلما كانت القابلة اجتمعنا في المسجد، ورجونا أن يخرج إلينا حتى أصبحنا، ثم دخلنا فقلنا: يا رسول الله .. " الحديث. فإن كانت القصة واحدة، احتمل أن يكون جابر ممن جاء في الليلة الثالثة، فلذلك اقتصر على وصف ليلتين.
وعند مسلم عن أنس "كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يصلي في رمضان، فجئت فقمت إلى جنبه، فجاء رجل فقام حتى كنا رهطًا، فلما أحس بنا تجوّز ثم دخل رحله" الحديث. والظاهر أن هذا كان في قصة أخرى. وقوله: إني خشيت أن تكتب عليكم صلاة الليل، وفي رواية التهجد، "إلَّا أني خشيت أن تفرض عليكم" وتكتب معناها تفرض، وهو ظاهر في أن عدم خروجه إليهم كان لهذه الخشية، لا لكون المسجد امتلأ وضاق على المصلين. وفي رواية عَقِيل وابن جُرَيج ويونُس زيادة "فتعجزوا عنها، أي تشق عليكم فتتركوها مع القدرة عليها، وليس المراد العجز الكليّ, لأنه يسقط التكليف من أصله، ثم إن ظاهر الحديث أنه عليه الصلاة والسلام توقع ترتب افتراض الصلاة بالليل جماعة على وجود المواظبة عليها، وفي ذلك إشكال، وقد بناه بعض المالكية على قاعدتهم في أن الشروع ملزم، وفيه نظر.