للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشيء سوى الله تعالى، فيكون نفي الشَّريك عن الله تعالى بالجوارح الظاهرة والباطنة.

وقوله: "وإقامِ الصلاةِ" معنى إقامة الصلاة: إما تَعْديل أركانها وحفظها من أن يقع فيها زَيْغ في فرائضها وسُننها وآدابها من أقَامَ العُودَ إذا قَوَّمَه، وإما المداومة عليها من قامَتِ السُّوق إذا نَفَقَت، وإما التَّجَلُّد والتَّشَمُّرُ في أدائها من قامتِ الحرب على ساقِها، وإما أداؤها تعبيرًا عن الأداء بالإِقامة، لأن القيام بعضُ أركانها، والصلاة فَعْلَةٌ من صَلّى، كالزكاة من زكّى، وهي مُشتَقَّة من الصَّلَوين، وهما عِرقان يكتنفان الظَّهر، سُمِّيَتْ بذلك لكثرة تحركهما فيها، وقيل: من الصلاة، بمعنى الدّعاء، قال الشاعر:

وقَابَلَها الرِّيحُ في دَنِّها ... وَصَلّى عَلَى دَنِّها وارْتَسَمْ

أو من صَلَّيْت العصا بالنار إذا ليَّنْتَها وقَوَّمْتها، فالمصلي كأنه يسعى في تعديلها وتقويمها، أو لأن الصلاة تُقَوِّمُ صاحبها وتعدِّله، أو من المُصَلّي وهو ثاني حَلَبة السباق، فالأول المُجَلّي، والثاني المُصَلّي، وسميت بذلك لأنها ثانية دعائم الإِسلام، وهي شرعًا قُربة فعلية ذات إحرام وسلام، أو سجود فقط وقوله: "فعلية" أخرج القُرَبَ التَّرْكية كعبادة الأصنام، والصيام، لأنه تَرْك، وقوله: "ذات" أخرج الزكاة، وقوله: "وسلام" أخرج الحج، لأنه فيه إحرام ولا سلام فيه، وقوله: "أو سُجود" فقط هو بالرفع، وقيد به لإِدخال سجود القراءة.

وقوله: "وإيتاء الزكاة" أي: إعطائها من آتاه إيتاءً، وأما أتَيْتُه إتيانًا، فمعناه جئته، والزكاة لغة الطهارة والنَّماء واللِّياقة والتَّنعُّم، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: ١٤] أي: تطهر، ويقال: زكا الزَّرعُ زكاءً بالمدِّ إذا نما، وهذا الأمر لا يزكو بفلان، أي: لا يليق به، وزَكَا الرجل يزكو إذا تنعم وكان في خِصب، وسميت بذلك لأن المال يَطْهر بها، أو لأنها تُطَهِّرُ صاحبها، قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: ١٠٣] أو لأنها سبب نماء المال وزيادته، ولها خمسة

<<  <  ج: ص:  >  >>