للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث صحيح وأجابت الشافعية ومن وافقهم عن الحديثين أجابوا عن الأول بأنه حديث ضعيف عند الحفاظ، وقد استوعب الدارقطني طرقة وعلله وردّ هذا الجواب بأن الحديث له طرق كثيرة وشواهد كثيرة، أقلّ أحواله أن يرتقي بها إلى درجة الحسن فقد أخرجه ابن ماجه عن جابر مرفوعًا وأخرجه الدارقطني في سننه عن ابن عمر وأبي هريرة مرفوعًا وأخرجه أيضًا عن ابن عبّاس مرفوعًا بلفظ يكفيك قراءة الإِمام خافت أو جهر وأخرجه الطبراني في الأوسط مرفوعًا عن أبي سعيد. وأخرجه ابن حبّان عن أنس مرفوعًا، ولحديث جابر طرق أخرى يشدّ بعضها بعضًا منها طريق صحيح، رواه محمد بن الحسن في موطئه عن أبي حنيفة بسنده عن جابر مرفوعًا، وأخرجه الدارقطني في سننه والبيهقي في سننه عن أبي حنيفة والحسن بن عمارة بالإسناد المذكور، وتعقّب الدارقطني لهذا الحديث بأن أبا حنيفة والحسن بن عُمارة ضعيفان، وأن الصواب أنه مرسل من عبد الله بن شدّاد مردود بان أبا حنيفة لم يرد أحد روايته، وبأن المرسل عندنا وعند الحنفية حجة، وكذلك الموقوف فما اعترض به الدارقطني حديث ابن عمر السابق بأنه موقوف لا اعتراض به لأن الموقوف حجة.

وقد روي منع القراءة خلف الإِمام عن ثمانين من الصحابة الكبار منهم العبادلة الأربعة. وقد روى الإِمام عبد الله بن يعقوب الحارني في كشف الأسرار عن عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه قال: كان عشرة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهون عن القراءة خلف الإِمام اشدّ النهي أبو بكر الصديق، وعمر الفاروق، وعثمان، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمر، وابن عباس رضي الله تعالى عنهم. ولهذا قال صاحب الهداية: وعلى ترك القراءة خلف الإِمام إجماع الصحابة فسمّاه إجماعًا باعتبار اتفاق الأكثر. ومثل هذا يسمى إجماعًا، وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن موسى بن عقبة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا ينهون عن القراءة خلف الإِمام وأخرج عن موسى بن سعد بن أبي وقاص قال: ذكر لي أن سعد بن أبي وقاص قال: وَدِدْتُ أن الذي يقرأ خلف الإِمام في فيه حجر.

وأخرج الطحاوي بسنده عن علي أنه قال: من قرأ خلف الإِمام فليس على الفطرة أي: ليس على شرائط الإِسلام، أو ليس على السنة. وأخرجه عنه ابن أبي شيبة بلفظ من قرأ خلف الإِمام فقد أخطأ الفطرة. وأخرجه الدارقطني كذلك من طرق. وأخرجه عبد الرزاق عنه بلفظ: من قرأ مع الإِمام فليس على الفطرة، وقال ابن مسعود: ملىء فوه ترابًا، قال: وقال عمر: وددت أن الذي يقرأ خلف الإِمام في فيه حجر، وفي التمهيد ثبت عن علي وسعد وزيد بن ثابت أنه لا قراءة مع الأمام لا فيما أسرّ ولا فيما جهر.

وأخرج عبد الرزاق عن أبي وائل قال رجل إلى عبد الله: يا أبا عبد الرحمن أأقرأ خلف الإِمام؟ قال: أنصت للقرآن فإن في الصلاة شغلًا وسيكفيك ذلك الإِمام. وأخرجه الطبراني عن عبد الرزاق، وأخرجه ابن أبي شيبة عن منصور عن أبي وائل .. الخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>