المائدة والأعراف، وللجوزقي عن عبد الرزاق مثله لكن قال: الأنعام بدل المائدة فحصل الاتفاق على تفسير الطولى بالأعراف. وفي تفسير الأخرى ثلاثة أقوال المحفوظ منها الأنعام قال ابن بطال: البقرة أطول السبع الطوال فلو أرادها لقال طولى الطوال فلما لم يردها دل على أنه أراد الأعراف لأنها أطول السور بعد البقرة، وتعقب بأن النساء أطول من الأعراف، وليس هذا التعقب بمرض لأنه اعتبر عدد الآيات وعدد آيات الأعراف أكثر من عدد آيات النساء، وغيرها من السبع بعد البقرة والمتعقب اعتبر عدد الكلمات لأن كلمات النساء تزيد على كلمات الأعراف بمئتين. وقال ابن المنير: تسميته الأعراف والأنعام بالطوليين إنما لعرف فيهما لا أنهما أطول من غيرهما، واستدل بهذين الحديثين على امتداد وقت المغرب وعلى استحباب القراءة فيها بغير قصار المفصل. أما امتداد وقت المغرب فقد مرَّ الكلام عليه في باب وقت المغرب، وباب تأخير الظهر إلى العصر، واستدل الخطابي على امتداد وقتها إلى غروب الشفق بهذا الحديث والذي بعده فيه نظر؛ لأن مَنْ قال: إن لها وقتًا واحدًا لم يحده بقراءة معينة بل قالوا: لا يجوز تأخيرها عن أول غروب الشمس بل له أن يمد القراءة فيها ولو غاب الشفق.
قلت: هذا خلاف مذهب مالك فمالك لا يقرأ عنده فيها إلا بقصار المفصل كما يأتي قريبًا واستشكل المحب الطبري إطلاق هذا، وحمله الخطابي قبله على أن يوقع ركعة في أول الوقت ويديم الباقي ولو غاب الشفق ولا يخفى ما فيه لأن تعمد إخراج الصلاة عن الوقت ممنوع ولو أجزات فلا يحمل ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، وقد مرَّ في الباب المذكور من الأحاديث ما يدل على انصرافه عليه الصلاة والسلام منها بسرعة، فقد مرَّ في حديث أنس قال: كنا نصلي المغرب مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم يرمي أحدنا ليرى موضع نبله. وروى عن جابر بن عبد الله أنهم كانوا يصلون المغرب ثم ينتضلون.
وروي عن علي بن بلال قال: صليت مع نفر من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأنصار فحدثوني أنهم كانوا يصلون مع النبي -صلى الله عليه وسلم- المغرب ثم ينطلقون فيرتمون لا يخفى عليهم موقع سمهامهم حتى يأتوا ديارهم وهو أقصى المدينة في بني سَلِمة.
رواه أحمد كما مرّ، ورواه الطحاوي وإذا كان هذا وقت انصرافه عليه الصلاة والسلام من صلاة المغرب استحال أن يكون قد قرأ منها الأعراف ولا نصفها وقد أنكر على معاذ حين صلّى العشاء بالبقرة مع إتساع وقتها فالمغرب أولى بذلك فينبغي على هذا أن يقرأ بقصار المفصل في المغرب وهذا هو مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وإسحاق والثوري والنخعي وعبد الله بن المبارك.
وذهب حميد وعروة بن الزبير وابن هشام والظاهرية إلى استحباب القراءة في المغرب بطولى الطوليين فقالوا: الأحسن أن يقول بالسورة التي قرأ بها النبي -صلى الله عليه وسلم- نحو الأعراف، والطور، والمرسلات