كنت في سورة فكرهت أن أقطعها وأقره النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك. مرّ في باب مَنْ لم ير الوضوء إلا من المخرجين قال في "الفتح" الكراهة لا تثبت إلابدليل، وأدلة الجواز كثيرة، وقد تقدم حديث زيد بن ثابت أنه قرأ الأعراف في الركعتين قلت: لعله تقدم في الشرح مع أني لم أطلع عليه وأما الذي تقدم في المتن عن زيد بن ثابت فإنما فيه أنه قرأ بطولى الطوليين، ثم قال: وروى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن أبي بكر الصديق أنه أمَّ الصحابة في صلاة الصبح بسورة فقرأها في الركعتين وهذا إجماع منهم، وروى محمد بن عبد السلام الخُشَني بضم الخاء المعجمة وفتح الشين المعجمة أيضًا عن الحسن البصري قال: غزونا خراسان ومعنا ثلاثمائة من الصحابة فكان الرجل منهم يصلي بنا فيقرأ الآيات من السورة ثم يركع. أخرجه ابن حزم محتجًا به.
وروى الدارقطني بإسناد قوي عن ابن عباس أنه قرأ الفاتحة وآية من البقرة في كل ركعة، وما قاله مالك من الكراهة ذكرنا لك دليله العقلي والنقلي. فقدله: لا تثبت إلا بدليل جوابه أنها ثبتت بالدليل واستدل به على أن السعال لا يبطل الصلاة وهو واضح فيما إذا غلبه. وإن قطع القراءة لعارض السعال ونحوه أولى من التمادي في القراءة مع السعال أو التنحنح، ولو استلزم تخفيف القراءة فيما استحب فيه تطويلها وقال الرافعي في "شرح المسند" قد يستدل به على أن سورة المؤمنين مكية وهو قول الأكثر قال: ولمن خالف أن يقول يحتمل أن يكون قوله: بمكة أي: في الفتح أو في حجة الوداع، وقد صرّح بالاحتمال المذكور النَّسائي في روايته فقال: في فتح مكة وقد مرّت أول الحديث رواية الطبراني يوم الفتح.
وعبد الله بن السائب هو ابن أبي السائب واسم أبي السائب صيفي بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي يكنى أبا عبد الرحمن وقيل أبا السائب يعرت بالقارىء وعليه قرأ مجاهد وغيره منْ قراء مكة قال ابن الكلبي كان شريك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الجاهلية عبد الله بن السائب. وأخرج البغوي عن مجاهد عن عبد الله بن السائب قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبايعه فقلت له: أتعرفني قال: نعم، ألم تكن شريكًا لي مرة؟ قال ابن حجر: والمحفوظ أن هذا الحديث لأبيه السائب، وقال الواقدي: الذي كان شريكًا للنبي -صلى الله عليه وسلم- في الجاهلية السائب بن أبي السائب، وقال غيرهما الذي كان شريكه -صلى الله عليه وسلم- قيس بن السائب قال ابن عبد البر: وقد جاء بذلك كله الأثر.
له سبعة أحاديث انفرد له مسلم بحديث روى عنه عطاء وابن أبي مليكة، توفي بمكة قبل ابن الزبير بيسير، أخرج له أبو داو والنَّسائيّ من رواية عطاء عنه شهدت العيد مع النبي -صلى الله عليه وسلم-. وحديث سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول بين الركنين:{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً} الآية.
ثم قال: وقرأ عمر في الركعة الأولى بمئة وعشرين آية من البقرة، وفي الثانية بسورة من المثاني والمثاني قيل ما لم يبلغ مئة آية أو بلغها وقيل ما عدا السبع الطوال إلى المفصل قيل: سميت مثاني لأنها ثنت السبع وسميت الفاتحة السبع المثاني لأنها تثنى في كل صلاة. وأما قوله سبحانه وتعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} فالمراد بها سورة الفاتحة وقيل غير ذلك وهذا التعليق وصله ابن أبي