شيبة في مصنفه عن أبي رافع قال: كان عمر رضي الله تعالى عنه يقرأ في الصبح بمئة من البقرة ويتبعها بسورة من المثاني، أو من صدور المفصل ويقرأ بمئة من آل عمران ويتبعها بسورة من المثاني، أو من صدور المفصل. وما ذكره البخاري فصل فيه بقوله: في الركعة الأولى وفي الثانية، وفي رواية ابن أبي شيبة لم يفصل فيحتمل أن تكون قراءته بمئة من البقرة واتباعها بسورة من المفصل في الركعة الأولى وحدها، وفي الثانية كذلك ويحتمل أن يكون هذا في الركعتين جميعًا فعلى الاحتمال تظهر المطابقة بينه وبين الجزء الأول من الترجمة فإن قيل الجزء الأول من الترجمة الجمع بين السورتين وهذا على ما ذكر جمع بين سورة ويعض سورة فالجواب أن المقصود من الجمع بين السورتين أعمّ من أن يكون بين سورتين كاملتين، أو بين سورة كلاملة، وبين شيء من سورة أخرى. وعمر مرّ في الأول من بدء الوحي.
ثم قال: وقرأ الأحنف بالكهف في الأولى، وفي الثانية بيوسف، أو يونس وذكر أنه صلّى مع عمر رضي الله تعالى عنه الصبح بهما. وفي رواية وقال في الثانية: يونس ولم يشك وما روي عن الأحنف هنا من قراءة سورة في الركعة الأخيرة قبل السورة المقروءة في الأولى مكروه في مشهور مذهب مالك وعند أبي حنيفة وأحمد وكأنهم نظروا إلى أن رعاية الترتيب العثماني مستحبة واختلف هل رتبه الصحابة بتوقيف من النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو باجتهاد منهم. قال القاضي أبو بكر الباقلاني: الثاني الصحيح. وأما ترتيب الآي فتوقيفي اتفاقًا.
وهذا التعليق وصله جعفر الفريابي في كتاب الصلاة له وأبو نعيم في المستخرج وقد مرّ الأحنف في الرابع والعشرين من الإيمان وفيه ذكر عمر وقد مرّ محله الآن. ثم قال: وقرأ ابن مسعود بأربعين آية من الأنفال وقرأ في الثانية بسورة من المفصل وهذا مطابق للجزء الأخير من الترجمة وهو قوله بأول سورة ويجاب عن كون هذه الرواية لا تدل على أنه قرأ من أول الأنفال بأنه في رواية عبد الرزاق من وجه آخر بلفظ فافتتح الأنفال حتى بلغ ونعم النصير. وهذا الموضع هو رأس أربعين آية، فالروايتان متفقتان وتبين بهذا أنه قرأ بأربعين من أولها فاندفع الاستدلال به على قراءة خاتمة السورة بخلاف الأثر عن عمر فإنه محتمل. قال ابن التين: إن لم تؤخذ القراءة بالخواتم من أثر عمر، أو أبن مسعود لم يأت البخاري بدليل على ذلك وفاته ما قدمناه عند الترجمة من أنه مأخوذ بالإلحاق مؤيد بقول قتادة.
وهذا التعليق وصله عبد الرزاق بلفظه عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي عنه وابن مسعود مرّ في أثر في أول كتاب الإيمان قبل ذكر حديث منه. ثم قال: وقال قتادة فيمن يقرأ بسورة واحدة يفرقها في ركعتين أو يردد سورة واحدة في ركعتين كلٌّ كتاب الله وصله عبد الرزاق. وقتادة تابعي صغير يستدل لقوله ولا يستدل به وإنما أراد البخاري منه قوله: كل كتاب الله فإنه يستنبط منه جواز جميع ما ذكر في الترجمة وأما قول قتادة في ترديد السورة فلم يذكره المصنف في الترجمة قال ابن رشيد: لعله لا يقول به لما روي فيه من الكراهة عن بعض العلماء وفيه نظر؛ لأنه لا يراعى هذا القدر إذا