للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليدل على بعدهم عنه رأسًا مباشرة، وتسببًا وميلًا وحضورًا، فإن أصله أن يكون في عرض غير عرضه.

وقوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} [المؤمنون:٤] الزكاة الواجبة أو كل عمل صالح، وفاعلون مؤدون عبر عن المزكي بالفاعل تحاشيًا عن التكرار، والزكاة تقع على المعنى والعين، والمراد الأول لأن الفاعل يفعل الحدث لا المحل الذي هو موقعه، أو الثاني على تقدير مضافٍ، وإنما وصفهم بأدائها بعد الوصف بالخشوع ليدل على أنهم بلغوا الغاية في القيام.

وقوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: ٥]، أي: مانعون لها عن كل ما لا يَحِلُّ وطؤَه بوجه من الوجوه.

وقوله: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ} [المؤمنون: ٦] على هنا بمعنى من أي مانعون لها إلا من أزواجهم، أو المعنى حافظون لها على أزواجهم لا يبذُلونها إلا على أزواجهم، فعلى هذا "على" صلة لحافظون، من حفِظْت المال على اليتيم، وأحْفَظُ على عِنَان فرسي، أي حافظون فروجهم. على الأزواج لا تَتَعدّاهُنَّ ولا يبذُلونها إلا عليهن، فهو تأكيدٌ.

وقوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: ٦] أي السَّراري، عبر بما دون من وإن كان المقام يقتضي من لأن الإِناث ناقصات، ولا سيما الأرقاء ففيهن شبه بالبهائم في حل البيع والشراء، والسراري جمع سرية بالضم، وهي في الأصل الأمَة التيِ بُوِّئَتْ ببيت، مأخوذة من السر وهو الجماع أو الإِخفاء لأن الإِنسان كثيرًا ما يُسِرُّها ويَسْتُرُها عن حرَّتِهِ، أو من السرور لأنها تَسُرُّ مالِكَها.

وقوله: {فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} فإنهم أي الحافظون غير ملومين في إتيانهن، وفيه إشارة إلى أنه مباح لا ثواب فيه ولا عِقاب، وهذا ما لم يُقْصَد به التعفف عن الحرام، وإن قصد فندبٌ يثاب عليه، وربما وجب في بعض الأحوال لما في "البخاري" أنهم قالوا: يا رسول الله أيأْتي أحدنا

<<  <  ج: ص:  >  >>