للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا أنه ابن عمرو وهنا لم ينكر عليهم أنهم عبدوا وإنما أنكر عليهم أن عزيرًا أو المسيح ابن الله قال: والجواب عن هذا أن فيه نفي اللازم وهي كونه ابن الله ليلزم نفي الملزوم وهو عبادة ابن الله قال: ويجوز أن يكون الأول بحسب الظاهر وتحصل قرينة بحسب المقام تقتضي الرجوع إليهما جميعًا أو إلى المشار إليه فقط.

قلت: مراد الكرماني أن مورد الصدق والكذب في الخبر النسبة الإِسنادية كقام زيد وعبدت الله لا التقييدية كغلام عمرو وهنا وقع رجوع الكذب للنسبة التقييدية وهذا خلاف المعروف وأجاب هو عنه بما أجاب به وأسهل مما أجاب به أن كون مورد الكذب والصدق الإسنادية هو المشهور عند أهل البلاغة وقيل إنهما يردان في التقييدية أيضًا واستدل القائل بذلك بهذا الحديث الذي فيه ورود الكذب على النسبة التقييدية دون الإِسنادية التي هي ثبوت عبادتهم لعيسى عليه السلام بدليل آخر الحديث لم يكن لله صاحبة ولا ولد.

وقوله: "فيأتيهم الله عَزَّ وَجَلَّ فيقول أنا ربكم فيقولون هذا مكاننا حتى يأتينا فإذا جاء ربنا عرفناه" وفي رواية الرقاق فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون فيقول: أنا ربكم فيقولون: نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا أتانا ربنا عرفناه وفي حديث أبي سعيد الآتي في التوحيد في صورة غير الصورة التي رأوه فيها أول مرة ويأتي في حديث أبي سعيد من الزيادة ما يجلسكم من الجلوس أي يقعدكم عن الذهاب أو ما يحبسكم من الحبس أي يمنعكم وقد ذهب الناس فيقولون: فارقناهم ونحن أحوج منا إليه اليوم وأنا سمعنا مناديًا ينادي ليلحق كل قوم ما كانوا يعبدون وأننا ننتظر ربنا وفي رواية مسلم هنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم ورجح عياض رواية البخاري وقال غيره: الضمير لله والمعنى فارقنا الناس في معبوداتهم ولم نصاحبهم ونحن اليوم أحوج لربنا أي إنا محتاجون إليه وقال عياض: بل أحوج على بابها لأنهم كانوا محتاجين إليه في الدنيا فهم في الآخرة أحوج إليه وقال النووي: إنكاره لرواية مسلم معترض بل معناه التضرع إلى الله تعالى في كشف الشدة عنهم بأنهم لزموا طاعته وفارقوا في الدنيا من زاغ عنها من أقاربهم مع حاجتهم إليهم في معاشهم ومصالح دنياهم كما جرى لمؤمني الصحابة حين قطعوا من أقاربهم من حاد الله ورسوله مع حاجتهم إليهم والارتفاق بهم وهذا ظاهر في معنى الحديث لا شك في حسنه وأما نسبة الاتيان إليه تعالى فالمراد بالإتيان في حقه كشف الحجب التي بين أبصارنا وبين رؤيته تعالى لأن الحركة والانتقال لا تجوز على الله تعالى لأنها صفات الأجسام والله تعالى لا يوصف بشيء من ذلك فلم يكن معنى الإتيان إلا ظهوره عَزَّ وَجَلَّ لأَبصار لم تكن تراه ولا تدركه والعادة أن مَنْ غاب عن غيره لا تمكنه رؤيته إلا بالإِتيان فعبّر به عن الرؤية مجازًا لأن الإتيان مستلزم للظهور على المأتي عليه وقال القرطبي: التسليم الذي كان عليه السلف أسلم وقال عياض: الإتيان فعل من أفعال الله تعالى يجب الإيمان به مع تنزيهه سبحانه وتعالى عن سمات

<<  <  ج: ص:  >  >>