للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "فيعود ظهره طبقًا واحدًا" قال ابن بطال: تمسك به مَنْ أجاز تكليف ما لا يطاق من الأشاعرة واحتجوا أيضًا بقصة أبي لهب وأن الله كلفه الإِيمان به مع إعلامه بأنه يموت كافرًا ويصلى نارًا ذات لهب قال ومنع الفقهاء من ذلك وتمسكوا بقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} وأجابوا عن السجود بأنهم يدعون إليه تبكيتاً إذا دخلوا أنفسهم في المؤمنين الساجدين في الدنيا فدعوا مع المؤمنين إلى السجود فتعذر عليهم فأظهر الله بذلك نفاقهم وأخزاهم. قال: ومثله من التبكيت ما يقال لهم بعد ذلك ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورًا وليس في هذا تكليف ما لا يطاق بل إظهار خزيهم ومثله كلف أن يعقد شعيرة فإنها للزيادة في التوبيخ والعقوبة ولم يجب عن قصة أبي لهب وقد ادعى بعضهم أن مسألة تكليف ما لا يطاق لم تقع إلا بالإِيمان فقط وهي مسألة طويلة ليس هذا محل ذكرها ومحل بسطها أُصول الفقه وأُصول الدين.

ومعنى كشف الساق زوال الخوف والهول الذي غيرهم حتى غابوا عن رؤية عوراتهم وفي رواية هشام بن سعد ثم نرفع رؤوسنا وقد عادلنا في صورته التي رأيناه فيها أول مرة فيقول أنا ربكم فنقول: نعم أنت ربنا قال في "الفتح": وهذا فيه إشعار بأنهم رأوه في أوّل ما حشروا قلت: هذا غير ظاهر بل الظاهر أن المراد برؤيته أولًا الرؤية الواقعة لهم عندما أخرج ذرية آدم من صلبه كما مرّ وقد جاء عن ابن عباس في قوله تعالى: يوم يكشف عن ساق قال عن شدة من إلا والعرب تقول قامت الحرب على ساق إذا اشتدت ومنه:

قد سن أصحابك ضرب الأعناق ... وقامت الحراب بنا على ساق

وجاء عن أبي موسى الأشعري في تفسيرها عن نور عظيم قال ابن فورك معناه ما يتجدد للمؤمنين من الفوائد والألطاف وقال المهلب: كشف الساق للمؤمنين رحمة ولغيرهم نقمة وقال الخطابي: تهيب كثير من الشيوخ الخوض في معنى الساق ومعنى قول ابن عباس إن الله يكشف عن قدرته التي تظهر بها الشدة وأسند البيهقي الأثر المذكور عن ابن عباس بسندين كل منهما حسن وزاد إذا خفي عليكم شيء من القرآن فاتبعوه من الشعر وذكر الرجز المشار إليه وأنشد الخطابي في إطلاق الساق على الأمر الشديد: في سنة قد كشفت عن ساقها. وأسند البيهقي من وجه آخر صحيح عن ابن عباس قال: يريد يوم القيامة قال الخطابي: وقد يطلق ويراد النفس.

وقوله: "فيقولون الساق" هذا يحتمل إن الله عرفهم على ألسنة الرسل من الأنبياء أو الملائكة إن الله جعل لهم علامة تجلية الساق وذلك أنه يمتحنهم بإرسال مَنْ يقول لهم أنا ربكم وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} وهذا وإن كان واردًا في عذاب القبر فلا يبعد أن يتناول يوم الموقف أيضًا وفي حديث ابن مسعود من الزيادة

<<  <  ج: ص:  >  >>