فقوله: معفور بالعين المهملة والفاء أي واقع في التراب وخراديل أي: هو قطع ويحتمل أن يكون من الخردل أي: جعلت أعضاؤه كالخردل وقيل معناه أنها تقطعهم عن لحوقهم بمن تجي وقيل: المخردل المصروع ورجحه ابن التين فقال: هو أنسب لسياق الخبر وفي رواية إبراهيم بن سعد عند أبي ذر فمنهم المخردل أو المجازى أو نحوه ولمسلم عنه المجازى من غير شك وهو بضم الميم وتخفيف الجيم من الجزاء.
وقوله:"ثم ينجو" في رواية إبراهيم بن سعد ثم ينجلي أي: يتبين ويحتمل أن يكون بالخاء المعجمة أي: يخلى عنه فيرجع إلى معنى ينجو وفي حديث أبي سعيد فناج مسلم ومخدوش ومكدوس في جهنم حتى يمر أحدهم فيسحب سحبًا قال ابن أبي جمرة يؤخذ منه أن المارين على الصراط ثلاثة أصناف: ناج بلا خدش، وهالك من أول وهلة، ومتوسط بينهما، ثم ينجو وكل قسم منها ينقسم أقسامًا تعرف بقوله: بقدر أعمالهم في ضبط مكدوس ففي رواية مسلم بالمهملة ومعناه الراكب بعضه على بعض ورواه بعضهم بالمعجمة ومعناه السوق الشديد وقيل: مكردس والمكردس فقار الظهر وكردس الرجل خيله جعلها كراديس أي فرقها والمراد أنه يكفأُ في قعرها وعند ابن ماجه عن أبي سعيد رفعه يوضع الصراط بين ظهراني جهنم على حسك كحسك السعدان ثم يستجيز الناس فناج مسلم ومخدوش به ثم ناج ومحتبس به ومنكوس فيها.
وقوله:"حتى إذا أراد الله رحمة مَنْ أراد من أهل النار" وفي رواية حتى إذا فرغ الله من القضاء بين عباده قال الزين بن المنير الفراغ إذا أضيف إلى الله تعالى معناه القضاء وحلوله بالمقضى عليه والمراد إخراج الموحدين من النار وإدخالهم الجنة واستقرار أهل النار في النار وحاصله أن المعنى يفرغ الله من القضاء بعذاب من يفرغ عذابه ومَنْ لا يفرغ فيكون إطلاق الفراغ بطريق المقابلة وإن لم يذكر لفظها.
وقال ابن أبي جمرة: معناه وصل الوقت الذي سبق في علم الله أنه يرحمهم وفي حديث عمران بن حصين في الرقاق أن الإِخراج يقع بشفاعة محمد -صلى الله عليه وسلم- وعند أبي عوانة والبيهقي وابن حِبّان في حديث حذيفة يقول إبراهيم: يا رباه حرقت بنيّ فيقول اخرجوا، وعند الحاكم عن عبد الله بن سلام أن قائل ذلك آدم وفي حديث أبى سعيد فما أنتم بأشد مناشدة في الحق قد يتبين لكم من المؤمنين يومئذ للجبار إذا رأوا أنهمّ قد نجوا في إخوانهم المؤمنين يقولون ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا الحديث الآتي في التوحيد وعند مسلم اختلاف في سياقه ويحمل على أن الجميع شفعوا وتقدم النبي -صلى الله عليه وسلم- قبلهم في ذلك وعند الطبراني بسند حسن عن عبد الله بن عمرو رفعه يدخل من أهل القبلة النار من لا يحصى عددهم إلاَّ الله بما عصوا الله واجترؤوا على معصيته وخالفوا طاعته فيوذن لي في الشفاعة فأثنى على الله ساجدًا كما أثنى عليه قائمًا فيقال لي: ارفع رأسك الحديث، ويؤيده أن في حديث أبي سعيد تشفع الأنبياء