والملائكة والمؤمنون وعند النسائي عن أنس ذكر سبب آخر لإِخراج الموحدين من النار ولفظه وفرغ من حساب الناس وأدخل مَنْ بقي من أُمتي النار مع أهل النار فيقول أهل النار ما أغنى عنكم أنكم كنتم تعبدون الله لا تشركون به شيئًا فيقول الجبار: فبعزتي لأعتقنهم من النار فيرسل إليهم فيخرجون وعند ابن أبي عاصم والبزار عن أبي موسى رفعه إذا اجتمع أهل النار في النار ومعهم مَنْ شاء الله من أهل القبلة يقول لهم الكفار: ألم تكونوا مسلمين؟ قالوا: بلى، قالوا: فما أغنى عنكم إسلامكم وقد صرتم معنا في النار؟ فقالوا: كانت لنا ذنوب فأخذنا بها فيأمر الله مَنْ كان من أهل القبلة فأُخرجوا فيقول الكفار: يا ليتنا كنّا مسلمين وفي حديث أبي بكر الصديق ثم يقال ادعوا الأنبياء فيشفعون ثم يقال: ادعوا الصديقين فيشفعون ثم يقال: ادعوا الشهداء فيشفعون وعند ابن أبي عاصم والبيهقي عن أبي بكرة مرفوعًا يحمل الناس على الصراط فينجي الله مَنْ شاء برحمته ثم يؤذن في الشفاعة للملائكة والنبيين والشهداء والصديقين فيشفعون ويخرجون.
وقوله:"أمر الله الملائكة أن يخرجوا مَنْ كان يعبد الله فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السجود" وفي "الرقاق" قبل هذا ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله قال القرطبي: لم يذكر الرسالة إما لأنهما لما تلازما في النطق غالبًا وشرعًا أكتفي بذكر الأولى أو لأن الكلام في حق جميع المؤمنين هذه الأُمة وغيرها ولو ذكرت الرسالة لتعدد ذكر الرسل كثيرًا والأول أولى ويرد الثاني أنه يكتفي بلفظ جامع كأن يقول مثلًا: ونؤمن برسله وقد تمسك بظاهره بعض المبتدعة ممن زعم أن مَنْ وحَّد الله من أهل الكتاب يخرج من النار ولو لم يؤمن بغير مَنْ أرسل إليه وهو قول في غاية البطلان فإن مَنْ جحد الرسالة كذّب الله ومَنْ كذب الله لم يوحده.
وقوله:"أمر الملائكة أن يخرجوهم" في حديث أبي سعيد اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار فأخرجوه، وفي حديث أنس في الشفاعة في "الرقاق" فيحد لي حدًا فأخرجهم ويجمع بأن الملائكة يؤمرون على ألسنة الرسل بذلك فالذين يباشرون الإخراج هم الملائكة. وفي حديث أبي سعيد أيضًا بعد قوله: ذرة فيخرجون خلقًا كثيراً، ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها خيرًا، وفيه فيقول الله: شفعت الملائكة وشفع النبيون ولم يبق إلاَّ أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قومًا لم يعملوا خيرًا قط وتمسك بعضهم بهذه الزيادة في تجويز إخراج غير المؤمنين من النار وهذا قول يخاف على صاحبه من الكفر أو هو مرتد حقيقة لمخالفته لصريح القرآن في أن الكافر مخلّد في النار والحديث معنى الخبر المنفي فيه هو ما زاد على أصل الإقرار بالشهادتين كما تدل عليه بقية الأحاديث وفي حديث معبد عن الحسن البصري عن أنس فأقول: يا رب ايذن لي فيمن قال لا إله إلا الله قال: ليس ذلك لك ولكن وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي وجبريائي لأخرجن من قال لا إله إلا الله. وسيأتي بطوله في التوحيد، وفي حديث جابر عند مسلم ثم يقول الله أنا أخرج بعلمي وبرحمتي.