التوربشتي: وجه النهي عن السلام على الله تعالى؛ لأنه هو المرجوع إليه بالمسائل المتعالي عن المعاني المذكورة فكيف يدعى له وهو المدعو على الحالات؟ وقال الخطابي: المراد أن الله هو ذو السلام، فلا تقولوا السلام على الله فإن السلام منه بدأ وإليه يعود ومرجع الأمر في إضافته إليه أنه ذو السلام من كل آفة وعيب، ويحتمل أن يكون مرجعها إلى حفظ العبد فيما يطلبه من السلامة من الآفات والمهالك. وقال النووي معناه أن السلام اسم من أسماء الله تعالى يعني السالم من النقائص. ويقال المسلم أولياءه وقيل المسلم عليهم قال ابن الأنباري: أمرهم أن يصرفوه إلى الخلق لحاجتهم إلى السلامة وغناه سبحانه وتعالى عنها.
وقوله:"فإذا صلّى أحدكم فليقل" في رواية حفص في الاستيذان: "فإذا جلس أحدكم في الصلاة" وفي رواته حصين في أواخر الصلاة: "إذا قعد أحدكم في الصلاة". وللنسائي عن أبي الأحوص عن عبد الله كنا لا ندري ما نقول في كل ركعتين وأن محمدًا عَلِم فواتح الخير وخواتمه فقال:"إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا" وله من طريق الأسود عن عبد الله: "فقولوا في كل جلسة"، ولابن خزيمة عن الأسود عن عبد الله "علّمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التشهد في وسط الصلاة وفي آخرها". وزاد الطحاوي في أوله:"وأخذت التشهد من في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولقنيه كلمة كلمة". وللمصنف في الاستيذان عن أبي معمر عن ابن مسعود:"علمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التشهد وكفي بين كفيه كما يعلمني السورة من القرآن". وقد قال الشافعي إن التشهد الأول سنة والثاني واجب. وقال أحمد: الأول واجب يجبر تركه بالسجود، والثاني ركن تبطل الصلاة بتركه، وقد مرّ أن التشهد كله سنة عند المالكية، ومرّ الخلاف فيه عند الحنفية في باب مَنْ لم يرَ التشهد الأول واجبًا. واستدل القائل بوجوبه يحمل قوله هنا فليقل على الوجوب. وأجاب النافون للوجوب بأن التسبيح في الركوع والسجود مندوب، وقد وقع الأمر به في قوله -صلى الله عليه وسلم- لما نزلت:{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} اجعلوها في ركوعكم .. الحديث، فكذلك التشهد. وأجاب الكرماني بأن الأمر حقيقته الوجوب فيحمل عليه إلا إذا دلّ دليل على خلافه، ولولا الإِجماع على عدم وجوب التسبيح في الركوع والسجود لحملناه على الوجوب، وفي دعوى هذا الإِجماع نظر فإن أحمد يقول بوجوبه وبوجوب التشهد الأول أيضًا ورواية أبي الأحوص المتقدمة تقوية. وقد جاء عن ابن مسعود التصريح بفرضية التشهد، وذلك فيما رواه الدارقطني وغيره بإسناد صحيح عن علقمة عنه قال: كنّا لا ندري ما نقول قبل أن يفرض علينا التشهد. قلت: حديث ابن مسعود في أكثر طرقه التصريح بأن التشهد في كل ركعتين كرواية أبي الأحوص ورواية الأسود فقولوا في كل جلسة ولابن خزيمة في وسط الصلاة وفي آخرها، فلم خصصت الشافعية الوجوب بالتشهد الأخير؟
وقوله:"التحيّات" جمع تحية ومعناها السلام، وقيل البقاء، وقيل العظمة، وقيل السلامة من الآفات والنقص، وقيل الملك. وقال أبو سعيد الضرير: ليست التحية الملك نفسه، لكنها الكلام الذي يحيى به الملك. وقال ابن قتيبة: لم يكن يحيى إلا الملك خاصة، وكان لكل ملك تحية