"المغني" لابن قدامة التسليم واجب لا يقوم غيره مقامه والواجب تسليمة واحدة والثانية سُنّة. وقال ابن المنذر أجمع العلماء على أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة. وقال الطحاوي: قال الحسن بن مرَّ: هما واجبتان، وهي رواية عن أحمد، وبه قال بعض أصحاب مالك. وفي "المغني" أيضًا السُّنَّة أن يقول: "السَّلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللهِ" وإن قال: "وبركاتُهُ" أيضًا فحسن، والأول أحسن وإن قال:"السَّلامُ عليكُم" ولم يزد فظاهر كلام أحمد أنه يجزئه. وقال ابن عقيل: الأصح أنه لا يجزئه وإن نكس السلام فقال: "وعليكمُ السَّلامُ" لم يجزئه.
وقال القاضي: فيه وجه أنه يجوز ويجزىء عند الشافعية لكن مع الكراهة كما في "المجموع" وأكمله عندهم "السَّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ" لأنه المأثور ولا تسن زيادة وبركاته كما صححه في "المجموع". ولا يجزىء سلام بتنوين، أو دونه ولا "سلامي"، أو "سلام الله عليكم"، أو "عليك" أو "عليكما"، وتبطل صلاته في صورة الخطاب إن تعمد ذلك. وفي "المجموع" قال الشافعي والأصحاب: إذا اقتصر الإِمام على تسليمة سن للمأموم تسليمتان؛ لأنه خرج من المتابعة بالأولى بخلاف التشهد الأول لو تركه الإِمام لزم المأموم تركه؛ لأن المتابعة واجبة عليه قبل السلام، وعند الشافعية تسن التسليمة الثانية على المشهور إلا أن يعرض له عقب الأولى ما ينافي صلاته كأن تخرّق خفه، أو انكشفت عورته أو سقطت عليه نجاسة فيجب الاقتصار على الأولى ويسن له الفصل بين التسليمتين.
وعند المالكية صفة السلام الواجب هي ما مرّت عند الشافعية بأن يكون السلام معرفًا بأل لا بالإضافة "كسلامي عليكم" أو "سلام الله"، وأن يكون بلفظ الجمع والخطاب إذ لا يخلو المصلي من مصحوب أقلهم الحفظة، ولا يضر زيادة "ورحمة الله وبركاته"؛ لأنها خارجة من الصلاة وظاهر كلام أهل المذهب أنها ليست بسنة وإن ورد بها الحديث؛ لأنه لم يصحبها عمل أهل المدينة. والظاهر أنها خلاف الأولى كالتسليمة الثانية للإمام والفذ فلو نكّر السلام ففيه ثلاثة أقوال: المشهور عدم الإجزاء، وقيل يجزىء، وقيل هو الأفضل؛ لأنه سلام أهل الجنة ولو عرّفه ونوّنه بطلت صلاته على المشهور، ونظم هذا شيخنا عبد الله بن محمد سالم بقوله:
منكِّرُ السلامِ فيه اختلفا ... فقيل يجزىءُ ومشهورٌ نفى
وقيل راجحٌ ومنْ قدْ عَرّفا ... مُنونًا فالبطلُ فيه عرفا
وقيل لا القلشاني بالحكم وفي
واختلف عند المالكية والشافعية هل تجب نيّة الخروج من الصلاة أو لا تجب فقيل تجب تجديد نيّة الخروج من الصلاة بالسلام لتميزه عن جنسه كافتقار تكبيرة الإحرام إليها لتميزها عن غيرها، وعلى الاشتراط لو سلم من غير نيّة مقارنة للسلام بطلت صلاته واختلف التشهير عند المالكية. والمشهور عند الشافعية عدم الاشتراط؛ لأن النيّة الأولى منسحبة على جميع الصلاة، ولكن تُسنُّ خروجًا من الخلاف وعلى عدم الاشتراط، فافرق بينه وبين تكبير الإحرام حيث اشترطت