اللام من الملك بالضم، والمالك من الملك بالكسر وقوله تعالى:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قرىء بكسر اللام ويمد الميم واختلف أي القرائتين أبلغ قيل: (مَلِك) أعم وأبلغ من (مالك) إذ كل (مَلِك)(مالك) ولا عكس؛ ولأن أمر (المُلْك) نافذ على (المالك) في ملكه حتى لا يتصرف (المالك) إلا عن تدبير (المَلِك). وقيل المالك أبلغ؛ لأنه يقال مالك الدار ومالك الدابة، ولا يقال (مَلِك) إلا لملك من الملوك، ولما فيها من زيادة البناء. وقال قطرب: الفرق بينهما أن ملكًا من الملوك، وأما مالك فهو مالك الملوك. وقد فُسر الملك في القرآن بمعان مختلفة، والمعنى هاهنا له جميع أصناف المخلوقات.
وقوله:"وله الحمد" أي: جميع حمد أهل السموات والأرض، وجميع أصناف المحامد التي بالأعيان والأعراض بناء على أن الألف واللام لاستغراق الجنس، ولما كان الله تعالى مالك المُلك كله استحق أن يكون جميع المحامد له دون غيره، فلا يُحمد غيره. وأما قولهم: حمدت فلانًا على صنيعه أو الجوهرة على صفائها، فذلك حمد للخالق في الحقيقة؛ لأن حمد المخلوق على فعل أو صفة حمد لخالقه الموجد لذلك.
وقوله:"وهو على كلّ شيء قدير" من باب التتميم والتكميل؛ لأن الله تعالى لما كانت الوحدانية له والمُلك له، والحمد له، فبالضرورة يكون قادرًا على كلّ شيء وذكره يكون للتتميم والتكميل. والقدير اسم من أسماء الله تعالى، كالقادر والمقتدر وله القدرة الكاملة الباهرة. زاد الطبري عن المغيرة:"يحيي ويميتُ وهو حيٌّ لا يموتُ، بيدهِ الخيرُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ" ورواته موثقون. وثبت عند البزار عن عبد الرحمن بن عوف بسند ضعيف لكن في القول إذا أصبح وإذا أمسى وأخرجه التِّرمِذِيّ عن عمر رفعه:"من قال حينَ يدخلُ السوقَ لا إِله إلاَّ الله بتمامه" وفي سنده لين.
وقوله:"اللَّهمَّ لا مانعَ لما أَعطيتَ" أي: للذي أعطيته. وقوله:"ولا معطيَ لما منعتَ" أي: للذي منعته. وفي مسند عبد بن حميد من رواية معمر عن عبد الملك بن عمير بهذا الإسناد زيادة:"ولا رادَ لما قضيتَ" لكن حُذف.
قوله:"ولا معطيَ لما منعتَ" ووقع عند الطبراني تامًا من وجه آخر، وعند أحمد والنَّسائيّ وابن خزيمة عن عبد الملك بن عمير بالإِسناد المذكور أنه كان يقول الذكر المذكور أو ثلاث مرات، وقد أجاز البغداديون ترك تنوين الاسم المطول فأجازوا (لا طالع جبلًا) أجروه في ذلك مجرى المضاف كما أجري مجراه في الإعراب. قال ابن هشام: وعلى ذلك يتخرج الحديث. قال الدماميني: بل يتخرج الحديث على قول البصريين أيضًا بأن يجعل مانع اسم (لا) مفردًا مبينًا معها، إما لتركيبه معها تركيب خمسة عشر, وإما لتضمنه معنى (من) الاستغراقية على الخلاف المعروف في المسألة والخبر محذوف أي: (لا مانع مانع لما أعطيت) واللام للتقوية. ذلك أن تقول تتعلق، ولك أن تقول لا تتعلق. وكذا القول في "ولا معطي لما منعت" وجوز الحذف ذكر مثل المحذوف وحسنه دفع