للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية عبيد الله "والعبد" بدل الخادم. قال الخطابي: اشتركوا أي: الإِمام والرجل ومن ذكر في التسمية أي: في الوصف بالراعي ومعانيهم مختلفة، فرعاية الإِمام الأعظم حياطة الشريعة بإقامة الحدود والعدل في الحكم. ورعاية الرجل أهله سياسته لأمرهم وإيصالهم حقوقهم. ورعاية المرأة تدبير أمر البيت والأولاد والخدم والنصيحة للزوج في كل ذلك. ورعاية الخادم حفظ ما تحت يده والقيام بما يجب عليه من خدمته.

وقوله: "قال وحسبت أن قد قال" جزم الكرماني بأن فاعل قال هنا هو يونس وفيه نظر، والظاهر أن فاعله سالم بن عبد الله الراوي. وكلمة (أن) مخففة من المثقلة والتقدير (وحسبت أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: والرجلُ راعٍ في مال أبيه). إلخ.

وقوله: "وكلُّكم راعٍ ومسؤولٌ عن رعيتهِ" وفي رواية الأحكام: "ألا فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ". وفي رواية أيوب في "النكاح" مثله وفي الاستقراض "فكلُّكم" ومثله في رواية نافع.

قال الطيبي في هذا الحديث: إن الراعي ليس مطلوبًا لذاته، وإنما أقيم لحفظ ما استرعاه المالك فينبغي أن لا يتصرف إلا بما أذن الشارع فيه، وهو تمثيل ليس في الباب ألطف ولا أجمع ولا أبلغ منه، فإنه أجمل أولًا ثم فصّل، وأتى بحرف التنبيه مكررًا. قال: (والفاء) في قوله: "ألا فكلُّكم" جواب شرط محذوف. وختم بما يشبه الفذلكة إشارة إلى استيفاء التفصيل. وقال غيره دخل في العموم المنفرد الذي لا زوج له ولا خادم ولا ولد، فإنه يصدق عليه أنه راع على جوارحه حتى يعمل المأمورات ويجتنب المنهيات فعلًا ونطقًا واعتقادًا، فجوارحه وقواه وحواسه رعيته ولا يلزم من اتصافه بكونه راعيًا أن لا يكون مرعيًا باعتبار آخر.

وجاء في حديث أنس مثل حديث ابن عمر وزاد في آخره فأعدوا للمسألة جوابًا قالوا: وما جوابها؟ قال: أعمال البر أخرجه ابن عدي والطبراني في "الأوسط" بسند حسن، وله عن أبي هريرة "ما من راعٍ إلا يسأل يوم القيامة أقام أمر الله أم ضيعه؟ ".

ولابن عدي بسند صحيح عن أنس أن الله سائل كل راع بما استرعاه حفظ ذلك أو ضيعه. واستدل به على أن المكلف يؤاخذ بالتقصير في أمر من هو في حكمه وترجم له في النكاح باب {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} وعلى أن للعبد أن يتصرف في مال سيده بإذنه.

وكذا المرأة والولد وفي هذا الحديث بيان كذب الخبر الذي افتراه بعض المتعصبين لبني أمية ففي كتاب "القضاء" لأبي علي الكرابيسي عن الشافعي عن عمه محمد بن علي قال: دخل ابن شهاب على الوليد بن عبد الملك فسأله عن حديث "إن الله إذا استرعى عبدًا الخلافةِ كتبَ له الحسناتِ، ولم يكتبْ له السيئاتِ" فقال له: هذا كذب، ثم تلا: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ} إلى قوله: {بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} فقال له الوليد: إن الناس ليغروننا عن ديننا.

قال الزين بن المنير في هذه القصة -أي قصة رُزَيْق-: إيماء إلى أن الجمعة تنعقد بغير إذن

<<  <  ج: ص:  >  >>