وفي رواية ثابت الآتية عن أنس "اللَّهمَّ اسقنا مرتين" والأخذ بالزيادة أولى ويرجحه ما مرّ في "العلم" من "أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا دعا دعا ثلاثًا". وفي الرواية المذكورة قال أنس: "ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة ولا شيئًا" والمراد بالسحاب المجتمع والقزعة بالقاف بالتحريك سحاب متفرق رقاق كأنها ظل إذا مرت من تحت السحاب الكثير.
قال أبو عبيدة: وأكثر ما يجيء في الخريف.
وقوله: "ولا شيئًا" بالنصب عطفًا على موضع الجار والمجرور أي ما نرى شيئًا، والمراد نفي علامات المطر من ريح وغيره، وفي الرواية المذكورة "وما بيننا وبين سَلْع من بيت ولا دار" وسَلْع بفتح المهملة وسكون اللام جبل معروف (بالمدينة المنورة). وقد حكي أنه بفتح اللام.
وقوله: "من بيت ولا دار" أي: يحجبنا عن رؤيته وأشار بذلك إلى أن السحاب كان مفقودًا لا مستترًا ببيت ولا غيره. وفي رواية ثابت "في علامات النبوءة" قال أنس: "وإن السماء لفي مثل الزجاجة" أي: لشدة صفائها، وذلك مشعر بعدم السحاب أيضًا.
وفي الرواية المذكورة لشريك قال: "فطلعت من ورائه سحابة مثل التُرس".
وقوله: "طلعت" أي ظهرت.
وقوله: "من ورائه" أي سَلْع وكأنها نشأت من جهة البحر؛ لأنه وضع يقتضي ذلك.
وقوله: "مثل التُرس" وهو بضم التاء ما يترس به، والمراد أنها مستديرة ولم يرد أنها مثله في القدر؛ لأن في رواية حفص بن عبيد الله عند أبي عوانة: "فنشأت سحابة مثل رجل الطائر وأنا انظر إليها" فهذا يشعر بأنها كانت صغيرة.
وفي رواية ثابت المذكورة: "فهاجت ريح أنشات سحابًا ثم اجتمع".
وفي رواية قتادة في "الأدب": "فنشأ السحاب بعضه إلى بعض" وفيها أي رواية شريك "فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت" وهذا يشعر بأنها استمرت مستديرة حتى انتهت إلى الأفق فانبسطت حينئذ، وكان فائدته تعميم الأرض بالمطر.
وقوله: "وضعهما حتى ثار السحاب أمثال الجبال" ثار بالثاء المثلثة أي: هاج. يقال: ثار الشيء يثور إذا ارتفع وانتشر.
وقوله: "أمثال الجبال" أي: لكثرتها وإطباقها وجه السماء.
وقوله: "ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر عن لحيته" أي: ينزل ويقطر، وهو (يتفاعل) من الحدور وهو ضد الصعود وأصل باب (التفاعل) للمشاركة بين قوم وهنا ليس كذلك؛ لأن (تفاعل) قد تجيء بمعنى (فعل) مثل توانيت أي: ونيت، وهذا كذلك ومعناه يحدر، وهذا يدل على أن السقف وكف لكونه كان من جريد النخل. وقوله: "فمُطرنا يومنا ذلك ومن الغد ومن بعد